فصل: الْكَافِرُونَ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإتقان في علوم القرآن ***


النَّوْعُ الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ‏:‏ فِي أَسْمَاءِ مَنْ نَزَلَ فِيهِمُ الْقُرْآنُ

رَأَيْتُ فِيهِمْ تَأْلِيفًا مُفْرَدًا لِبَعْضِ الْقُدَمَاءِ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُحَرَّرٍ، وَكِتَابُ أَسْبَابِ النُّزُولِ وَالْمُبْهَمَاتِ يُغْنِيَانِ عَنْ ذَلِكَ‏‏.‏ وَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ‏‏:‏ ذُكِرَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ الطَّحَّانِ، أَنْبَأَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَنْبَأَنَا قَيْسٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ‏‏:‏ قَالَ عَلِيٌّ‏‏:‏ مَا فِي قُرَيْشٍ أَحَدٌ إِلَّا وَقَدْ نَزَلَتْ فِيهِ آيَةٌ قِيلَ لَهُ‏‏:‏ فَمَا نَزَلْ فِيكَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏{‏وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ‏}‏ ‏[‏هُودٍ‏:‏ 17‏]‏‏.‏

وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ‏‏:‏ نَزَلَتْ فِيَّ أَرْبَعُ آيَاتٍ‏:‏ ‏{‏يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ‏}‏ ‏[‏الْأَنْفَال‏:‏ 1‏]‏‏.‏ ‏{‏وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا‏}‏ ‏[‏الْعَنْكَبُوت‏:‏ 8‏]‏‏.‏ وَآيَةُ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ، وَآيَةُ الْمِيرَاثِ‏‏.‏ وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ قَالَ‏‏:‏ نَزَلَتْ ‏{‏وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ‏}‏ ‏[‏الْقَصَص‏:‏ 51‏]‏‏.‏ فِي عَشْرَةٍ أَنَا أَحَدُهُمْ‏‏.‏

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي جُمْعَةَ جُنَيْدِ بْنِ سَبْعٍ وَقِيلَ‏:‏ جَيْبِ بْنِ سِبَاعٍ قَالَ‏‏:‏ فِينَا نَزَلَتْ ‏{‏وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ‏}‏ ‏[‏الْفَتْح‏:‏ 25‏]‏‏.‏ وَكُنَّا تِسْعَةَ نَفَرٍ‏:‏ سَبْعَةَ رِجَالٍ، وَامْرَأَتَيْنِ‏‏.‏

النَّوْعُ الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ‏:‏ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ

أَفْرَدَهُ بِالتَّصْنِيفِ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ، وَابْنُ الضُّرَيْسِ وَآخَرُونَ‏.‏

وَقَدْ صَحَّ فِيهِ أَحَادِيثُ بِاعْتِبَارِ الْجُمْلَةِ وَفِي بَعْضِ السُّوَرِ عَلَى التَّعْيِينِ، وَوُضِعَ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ؛ وَلِذَلِكَ صَنَّفْتُ كِتَابًا سَمَّيْتُهُ خَمَائِلُ الزُّهَرِ فِي فَضَائِلِ السُّوَرِ حَرَّرْتُ فِيهِ مَا لَيْسَ بِمَوْضُوعٍ‏.‏ وَأَنَا أُورِدُ فِي هَذَا النَّوْعِ فَصْلَيْنِ‏‏.‏

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ‏:‏ فِيمَا وَرَدَ فِي فَضْلِهِ عَلَى الْجُمْلَةِ‏.‏

أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَالدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ، عَنْ عَلِيٍّ‏‏:‏ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ‏:‏ «سَتَكُونُ فِتَنٌ قُلْتُ‏‏:‏ فَمَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ‏؟‏ قَالَ‏‏:‏ كِتَابُ اللَّهِ، فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، وَهُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ، مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ، وَمَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ، وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، وَهُوَ الَّذِي لَا تَزِيغُ بِهِ الْأَهْوَاءُ، وَلَا تَلْتَبِسُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ، وَلَا تَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ، وَلَا يَخْلَقُ عَلَى كَثْرَةِ الرَّدِّ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ، وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ، وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ»‏.‏

وَأَخْرَجَ الدَّارِمِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا‏:‏ «الْقُرْآنُ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ»‏.‏

وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَأْخُذُ مَضْجَعَهُ فَيَقْرَأُ سُورَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ مَلِكًا يَحْفَظُهُ، فَلَا يَقْرَبُهُ شَيْءٌ يُؤْذِيهِ حَتَّى يَهُبَّ مَتَّى هَبَّ‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو‏:‏ «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَقَدِ اسْتَدْرَجَ النُّبُوَّةَ بَيْنَ جَنْبَيْهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُوحَى إِلَيْهِ، لَا يَنْبَغِي لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ أَنْ يَحُدَّ مَعَ مَنْ يَحُدُّ، وَلَا يَجْهَلَ مَعَ مَنْ يَجْهَلُ، وَفِي جَوْفِهِ كَلَامُ اللَّهِ»‏.‏

وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ‏:‏ «إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي يُقْرَأُ فِيهِ الْقُرْآنُ يَكْثُرُ خَيْرُهُ، وَالْبَيْتُ الَّذِي لَا يُقْرَأُ فِيهِ الْقُرْآنُ يَقِلُّ خَيْرُهُ»‏.‏

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ‏:‏ «ثَلَاثَةٌ لَا يَهُولُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ، وَلَا يَنَالُهُمُ الْحِسَابُ، هُمْ عَلَى كَثِيبٍ مِنْ مِسْكٍ حَتَّى يُفْرَغَ مِنْ حِسَابِ الْخَلَائِق‏:‏ رَجُلٌ قَرَأَ الْقُرْآنَ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ، وَأَمَّ بِهِ قَوْمًا وَهُمْ بِهِ رَاضُونَ» الْحَدِيثَ‏‏.‏

وَأَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ‏:‏ «الْقُرْآنُ غِنًى لَا فَقْرَ بَعْدَهُ، وَلَا غِنًى دُونَهُ‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ‏:‏ «لَوْ كَانَ الْقُرْآنُ فِي إِهَابٍ مَا أَكَلَتْهُ النَّارُ»‏.‏

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ‏‏:‏ أَرَادَ بِالْإِهَابِ قَلْبَ الْمُؤْمِنِ وَجَوْفَهُ الَّذِي قَدْ وَعَى الْقُرْآنَ‏‏.‏

وَقَالَ غَيْرُهُ‏‏:‏ مَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ ثُمَّ دَخَلَ النَّارَ فَهُوَ شَرٌّ مِنَ الْخِنْزِيرِ‏‏.‏

وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيّ‏:‏ مَعْنَاهُ أَنَّ النَّارَ لَا تُبْطِلُهُ، وَلَا تَقْلَعُهُ مِنَ الْأَسْمَاعِ الَّتِي وَعَتْهُ، وَالْأَفْهَامِ الَّتِي حَصَّلَتْهُ كَقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَر‏:‏ «أَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لَا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ» أَيْ‏:‏ لَا يُبْطِلُهُ وَلَا يَقْلَعُهُ مِنْ أَوْعِيَتِهِ الطَّيِّبَةِ وَمَوَاضِعِهِ لِأَنَّهُ وَإِنْ غَسَلَهُ الْمَاءُ فِي الظَّاهِرِ لَا يَغْسِلُهُ بِالْقَلْعِ مِنَ الْقُلُوبِ‏‏.‏

وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ عِصْمَةَ بْنِ مَالِكٍ‏:‏ «لَوْ جُمِعَ الْقُرْآنُ فِي إِهَابٍ مَا أَحْرَقَتْهُ النَّارُ» وَعِنْدَهُ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ «لَوْ كَانَ الْقُرْآنُ فِي إِهَابٍ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ»‏.‏

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ‏:‏ «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، يُحِلُّ حَلَالُهُ وَيُحَرِّمُ حَرَامَهُ، حَرَّمَ اللَّهُ لَحْمَهُ وَدَمَهُ عَلَى النَّارِ، وَجَعَلَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ كَانَ الْقُرْآنُ حُجَّةً لَهُ‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدَةَ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا‏:‏ «الْقُرْآنُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ، وَمَاحِلٌ مُصَدَّقٌ، مَنْ جَعَلَهُ أَمَامَهُ قَادَهُ إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَنْ جَعَلَهُ خَلْفَهُ سَاقَهُ إِلَى النَّارِ»‏.‏

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ‏:‏ «حَمَلَةُ الْقُرْآنِ عُرَفَاءُ أَهْلِ الْجَنَّةِ‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ‏‏:‏ «أَهْلُ الْقُرْآنِ هُمْ أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ «أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ أَنْ يَجِدَ ثَلَاثَ خَلِفَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ‏؟‏ قُلْنَا‏‏:‏ نَعَمْ قَالَ‏‏:‏ ثَلَاثُ آيَاتٍ يَقْرَأُ بِهِنَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلَاثِ خَلِفَاتٍ سِمَانٍ»‏.‏

وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّه‏:‏ «خَيْرُ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ‏:‏ «مَنْ قُرَأَ الْقُرْآنَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كُتِبَ مَعَ الصِّدِّيقَيْنِ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا»‏.‏

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ‏:‏ «مَا مِنْ رَجُلٍ يُعَلِّمُ وَلَدَهُ الْقُرْآنَ إِلَّا تُوِّجَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِتَاجٍ فِي الْجَنَّةِ»‏.‏

وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَأَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ‏:‏ «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَأَكْمَلَهُ وَعَمِلَ بِهِ، أُلْبِسَ وَالِدُهُ تَاجًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ضَوْءُهُ أَحْسَنُ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ فِي بُيُوتِ الدُّنْيَا لَوْ كَانَتْ فِيكُمْ، فَمَا ظَنُّكُمْ بِالَّذِي عَمِلَ بِهَذَا»‏.‏

وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَأَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ‏:‏ «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَاسْتَظْهَرَهُ فَأَحَلَّ حَلَالَهُ، وَحَرَّمَ حَرَامَهُ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ، وَشَفَّعَهُ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، كُلُّهُمْ قَدْ وَجَبَتْ لَهُمُ النَّارُ‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ‏:‏ «مَنْ تَعَلَّمَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ اسْتَقْبَلَتْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَضْحَكُ فِي وَجْهِهِ‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ‏:‏ «الْمَاهِرُ فِي الْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ»‏.‏

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ‏:‏ «مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، إِنْ شَاءَ عَجَّلَهَا فِي الدُّنْيَا، وَإِنْ شَاءَ ادَّخَرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى‏:‏ «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الْأُتْرُجَّةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ‏.‏ وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلَا رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ، طَعْمُهَا مُرٌّ وَلَا رِيحَ لَهَا‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ‏:‏ «خَيْرُكُمْ- وَفِي لَفْظٍ‏:‏ إِنَّ أَفْضَلَكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَمَّهُ» زَادَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاء‏:‏ «وَفَضْلُ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى سَائِرِ خَلْقِهِ‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ «إِنَّ الَّذِي لَيْسَ فِي جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ كَالْبَيْتِ الْخَرِبِ‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ‏:‏ «لِأَنْ تَغْدُوَ فَتَتَعَلَّمَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ مِائَةَ رَكْعَةٍ‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ «مَنْ تَعَلَّمَ كِتَابَ اللَّهِ ثُمَّ اتَّبَعَ مَا فِيهِ هَدَاهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الضَّلَالَةِ، وَوَقَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سُوءَ الْحِسَابِ» وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيّ‏:‏ «إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ سَبَبٌ، طَرَفُهُ بِيَدِ اللَّهِ، وَطَرَفُهُ بِأَيْدِيكُمْ، فَتَمَسَّكُوا بِهِ فَإِنَّكُمْ لَنْ تَضِلُّوا، وَلَنْ تَهْلَكُوا بَعْدَهُ أَبَدًا‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ الدَّيْلَمِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ‏:‏ «حَمَلَةُ الْقُرْآنِ فِي ظِلِّ اللَّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ»‏.‏

وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ‏:‏ «يَجِيءُ صَاحِبُ الْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ الْقُرْآنُ‏‏:‏ يَا رَبِّ حَلِّهِ، فَيَلْبَسُ تَاجَ الْكَرَامَةِ، ثُمَّ يَقُولُ‏‏:‏ يَا رَبِّ زِدْهُ، يَا رَبِّ ارْضَ عَنْهُ، فَيَرْضَى عَنْهُ، وَيُقَالُ لَهُ‏:‏ اقْرَأْ وَارْقَهْ، وَيُزَادُ لَهُ بِكُلِّ آيَةٍ حَسَنَةٌ‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ‏:‏ «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ «إِنَّكُمْ لَا تَرْجِعُونَ إِلَى اللَّهِ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِمَّا خَرَجَ مِنْهُ يَعْنِي الْقُرْآنَ‏»‏.‏

الْفَصْلُ الثَّانِي‏:‏ فِيمَا وَرَدَ فِي فَضْلِ سُوَرٍ بِعَيْنِهَا

مَا وَرَدَ فِي الْفَاتِحَةِ

أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مَرْفُوعًا‏:‏ «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي التَّوْرَاةِ، وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ مِثْلَ أُمِّ الْقُرْآنِ، وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي»‏.‏

وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرٍ‏:‏ «أَخْيَرُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآن‏:‏ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏»‏.‏

وَلِلْبَيْهَقِيِّ فِي الشُّعَبِ وَالْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ‏:‏ «أَفْضَلُ الْقُرْآن‏:‏ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏»‏.‏

وَلِلْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ بْنِ الْمُعَلَّى‏:‏ «أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآن‏:‏ ‏{‏الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏}‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ عَبْدُ اللَّهِ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ «فَاتِحَةُ الْكِتَابِ تَعْدِلُ ثُلْثَيِ الْقُرْآنِ»‏.‏

مَا وَرَدَ فِي الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ

أَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ‏:‏ «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَخْرُجْ مِنَ الْبَيْتِ إِذَا سَمِعَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ تُقْرَأُ فِيهِ» وَفِي الْبَابِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ‏‏.‏

وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ‏:‏ «يُؤْتَى بِالْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَهْلِهِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ، تَقَدَّمُهُمْ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَآلُ عِمْرَانَ‏.‏ وَضَرَبَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَمْثَالٍ مَا نَسِيتُهُنَّ بَعْدُ قَالَ‏‏:‏ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ غَيَابَتَانِ أَوْ ظُلَّتَانِ سَوْدَاوَانِ بَيْنَهُمَا شَرْقٌ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ يُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا»‏.‏

وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ‏:‏ «تَعَلَّمُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ، تَعَلَّمُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَآلَ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا الزَّهْرَاوَانِ تُظِلَّانِ صَاحِبَهُمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ غَيَابَتَانِ أَوْ فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ»‏.‏

وَأَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ‏:‏ «إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سَنَامًا، وَسَنَامُ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ، مَنْ قَرَأَهَا فِي بَيْتِهِ نَهَارًا لَمْ يَدْخُلْهُ الشَّيْطَانُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَمَنْ قَرَأَهَا فِي بَيْتِهِ لَيْلًا لَمْ يَدْخُلْهُ الشَّيْطَانُ ثَلَاثَ لَيَالٍ‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ مِنْ طَرِيقِ الصَّلْصَال‏:‏ «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ تُوِّجَ بِتَاجٍ فِي الْجَنَّةِ»‏.‏

وَأَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَوْقُوفًا‏:‏ مَنْ قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ فِي لَيْلَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ‏‏.‏

وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ مُرْسَلِ مَكْحُولٍ‏:‏ «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ آلِ عِمْرَانَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ إِلَى اللَّيْلِ‏»‏.‏

فَصْل مَا وَرَدَ فِي آيَةِ الْكُرْسِيِّ

أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ‏:‏ «أَعْظَمُ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ آيَةُ الْكُرْسِيِّ‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ‏:‏ «إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سَنَامًا، وَإِنَّ سَنَامَ الْقُرْآنِ الْبَقَرَةُ، وَفِيهَا آيَةٌ هِيَ سَيِّدَةُ آيِ الْقُرْآنِ آيَةُ الْكُرْسِيِّ‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ عَنِ الْحَسَنِ مُرْسَلًا‏:‏ «أَفْضَلُ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ، وَأَعْظَمُ آيَةٍ فِيهَا آيَةُ الْكُرْسِيِّ‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ‏:‏ «مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ‏:‏ «آيَةُ الْكُرْسِيِّ رُبْعُ الْقُرْآنِ»‏.‏

مَا وَرَدَ فِي خَوَاتِيمِ الْبَقَرَةِ

أَخْرَجَ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ‏:‏ «مَنْ قَرَأَ الْآيَتَيْنِ مِنْ آخَرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ‏:‏ «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِأَلْفَيْ عَامٍ، وَأَنْزَلَ مِنْهُ آيَتَيْنِ خَتَمَ بِهِمَا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، وَلَا يُقْرَآنِ فِي دَارٍ فَيَقْرَبَهَا شَيْطَانٌ ثَلَاثَ لَيَالٍ‏»‏.‏

مَا وَرَدَ فِي آخِرِ آلِ عِمْرَانَ

أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ‏:‏ «مَنْ قَرَأَ آخَرَ آلِ عِمْرَانَ فِي لَيْلَةٍ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ‏»‏.‏

مَا وَرَدَ فِي الْأَنْعَامِ

أَخْرَجَ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَوْقُوفًا‏:‏ الْأَنْعَامُ مِنْ نَوَاجِبِ الْقُرْآنِ‏‏.‏

مَا وَرَدَ فِي السَّبْعِ الطِّوَالِ

أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ‏:‏ «مَنْ أَخَذَ السَّبْعَ الطِّوَالَ فَهُوَ حَبْرٌ‏»‏.‏

مَا وَرَدَ فِي هُودٍ

أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِسَنَدٍ وَاهٍ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ‏:‏ «لَا يَحْفَظُ مُنَافِقٌ سُوَرًا‏‏:‏ بَرَاءَةُ، وَهُودٌ، وَيَسِ، وَالدُّخَانِ، وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ‏»‏.‏

مَا وَرَدَ فِي آخِرِ الْإِسْرَاءِ

أَخْرَجَ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ‏:‏ «آيَةُ الْعِزّ‏:‏ ‏{‏وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ‏}‏ ‏[‏الْإِسْرَاء‏:‏ 111‏]‏‏.‏ إِلَى آخَرِ السُّورَةِ‏»‏.‏

مَا وَرَدَ فِي الْكَهْفِ

أَخْرَجَ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيَّنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ»‏.‏

وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاء‏:‏ «مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ عُصِمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ‏:‏ «مَنْ قَرَأَ أَوَّلَ سُورَةِ الْكَهْفِ وَآخِرَهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا مِنْ قَدَمِهِ إِلَى رَأْسِهِ وَمَنْ قَرَأَهَا كُلَّهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا مَا بَيْنَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرٍو «مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ ‏{‏فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ‏}‏ الْآيَةَ كَانَ لَهُ نُورٌ مِنْ عَدَنَ إِلَى مَكَّةَ حَشْوُهُ الْمَلَائِكَةُ‏»‏.‏

مَا وَرَدَ فِي الم السَّجْدَةِ

أَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ مِنْ مُرْسَلِ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ‏:‏ «تَجِيءُ الم السَّجْدَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهَا جَنَاحَانِ تُظِلُّ صَاحِبَهَا، تَقُولُ‏‏:‏ لَا سَبِيلَ عَلَيْكَ، لَا سَبِيلَ عَلَيْكَ»‏.‏

وَأَخْرَجَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا قَالَ‏‏:‏ فِي تَنْزِيلِ السَّجْدَةِ وَتَبَارَكَ الْمُلْكِ، فَضْلُ سِتِّينَ دَرَجَةً عَلَى غَيْرِهِمَا مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ‏‏.‏

مَا وَرَدَ فِي يس

أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمْ مِنْ حَدِيثِ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ‏:‏ «يس قَلْبُ الْقُرْآنِ، لَا يَقْرَؤُهَا رَجُلٌ يُرِيدُ اللَّهَ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ إِلَّا غُفِرَ لَهُ، اقْرَءُوهَا عَلَى مَوْتَاكُمْ»‏.‏

وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، وَالدَّارِمِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ‏:‏ «إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْبًا، وَقَلْبُ الْقُرْآنِ يس، وَمَنْ قَرَأَ يس كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِقِرَاءَتِهَا قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ عَشْرَ مَرَّاتٍ‏‏.‏

وَأَخْرَجَ الدَّارِمِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ‏:‏ «مَنْ قَرَأَ يس فِي لَيْلَةٍ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى غُفِرَ لَهُ» وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ‏:‏ «مَنْ دَامَ عَلَى قِرَاءَةِ يس كُلَّ لَيْلَةٍ ثُمَّ مَاتَ مَاتَ شَهِيدًا»‏.‏

مَا وَرَدَ فِي الْحَوَامِيمِ

أَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا‏:‏ إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ لُبَابًا، وَلُبَابُ الْقُرْآنِ الْحَوَامِيمُ‏.‏

وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا‏:‏ الْحَوَامِيمُ دِيبَاجُ الْقُرْآنِ‏‏.‏

مَا وَرَدَ فِي الدُّخَانِ

أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ‏:‏ «مَنْ قَرَأَ حم الدُّخَانِ فِي لَيْلَةٍ أَصْبَحَ يَسْتَغْفِرُ لَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ‏»‏.‏

مَا وَرَدَ فِي الْمُفَصَّلِ

أَخْرَجَ الدَّارِمِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا‏:‏ إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ لُبَابًا، وَلُبَابُ الْقُرْآنِ الْمُفَصَّلُ‏.‏

الرَّحْمَنُ

أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا‏:‏ «لِكُلِّ شَيْءٍ عَرُوسٌ، وَعَرُوسُ الْقُرْآنِ الرَّحْمَنُ»‏.‏

الْمُسَبِّحَاتُ

أَخْرَجَ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ الْمُسَبِّحَاتِ كُلَّ لَيْلَةٍ قَبْلَ أَنْ يَرْقُدَ، وَيَقُولُ‏‏:‏ فِيهِنَّ آيَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ آيَةٍ» قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ‏}‏ ‏[‏الْحَدِيد‏:‏ 3‏]‏‏.‏

وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ السُّنِّيِّ، عَنْ أَنَسٍ‏:‏ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى رَجُلًا إِذَا أَتَى مَضْجَعَهُ أَنْ يَقْرَأَ سُورَةَ الْحَشْرِ وَقَالَ‏‏:‏ إِنْ مُتَّ مُتَّ شَهِيدًا»‏.‏

وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ‏:‏ «مَنْ قَرَأَ حِينَ يُصْبِحُ ثَلَاثَ آيَاتٍ مِنْ آخَرِ سُورَةِ الْحَشْرِ، وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنْ مَاتَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مَاتَ شَهِيدًا، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُمْسِي كَانَ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ‏:‏ «مَنْ قَرَأَ خَوَاتِيمَ الْحَشْرِ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، فَمَاتَ فِي يَوْمِهِ أَوْ لَيْلَتِهِ، فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ الْجَنَّةَ‏»‏.‏

تَبَارَكَ

أَخْرَجَ الْأَرْبَعَةُ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ‏:‏ «فِي الْقُرْآنِ سُورَةٌ ثَلَاثُونَ آيَةً شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ‏‏:‏ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ»‏.‏

وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ «هِيَ الْمَانِعَةُ، هِيَ الْمُنْجِيَةُ، تُنْجِي مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ»‏.‏

وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِه‏:‏ «وَدِدْتُ أَنَّهَا فِي قَلْبِ كَلِّ مُؤْمِنٍ‏‏:‏ ‏{‏تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ‏}‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ‏:‏ «مَنْ قَرَأَ تَبَارَكَ الَّذِي ‏{‏تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ‏}‏ كُلَّ لَيْلَةٍ مَنَعَهُ اللَّهُ بِهَا مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ»‏.‏

الْأَعْلَى

أَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي تَمِيمٍ قَالَ‏‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ «إِنِّي نَسِيتُ أَفْضَلَ الْمُسَبِّحَاتِ فَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ‏:‏ لَعَلَّهَا ‏{‏سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى‏}‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ»‏.‏

الْقَيِّمَةُ

أَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الصَّحَابَةِ، مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ الْمُزَنِيِّ الصَّحَابِيُّ مَرْفُوعًا‏:‏ «إِنَّ اللَّهَ لَيَسْمَعُ قِرَاءَةَ ‏{‏لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا‏}‏ فَيَقُولُ‏‏:‏ أَبْشِرْ عَبْدِي، فَوَعِزَّتِي لَأُمْكِنَنَّ لَكَ فِي الْجَنَّةِ حَتَّى تَرْضَى»‏.‏

الزَّلْزَلَةُ

أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ‏:‏ «مَنْ قَرَأَ ‏{‏إِذَا زُلْزِلَتِ‏}‏ عَدَلَتْ لَهُ بِنِصْفِ الْقُرْآنِ» الْعَادِيَاتِ فَضْلُهَا‏.‏

العاديات

أَخْرَجَ أَبُو عَُبَيْدٍ، مِنْ مُرْسَلِ الْحَسَن‏:‏ «‏{‏إِذَا زُلْزِلَتِ‏}‏ تُعْدَلُ بِنِصْفِ الْقُرْآنِ، وَالْعَادِيَاتِ تُعْدَلُ بِنِصْفِ الْقُرْآنِ»‏.‏

أَلْهَاكُمْ

أَخْرَجَ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا‏:‏ «أَلَا يَسْتَطِيعَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ أَلْفَ آيَةٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ‏؟‏ قَالُوا‏‏:‏ وَمَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقْرَأَ أَلْفَ آيَةٍ‏؟‏ قَالَ‏‏:‏ أَمَا يَسْتَطِيعُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ‏:‏ ‏{‏أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ‏}‏ فَضْلُهَا»‏.‏

الْكَافِرُونَ

أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ‏:‏ «قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ فَضْلُهَا رُبْعُ الْقُرْآنِ»‏.‏

وَأَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ «يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ تَعْدِلُ بِرُبْعِ الْقُرْآنِ»‏.‏

وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ‏:‏ «اقْرَأْ ‏{‏قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ‏}‏ ثُمَّ نَمْ عَلَى خَاتِمَتِهَا، فَإِنَّهَا بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ‏»‏.‏

‏وَأَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ «أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى كَلِمَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنَ الْإِشْرَاكِ بِاللَّهِ‏؟‏ تَقْرَءُونَ ‏{‏قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ‏}‏ عِنْدَ مَنَامِكُمْ»‏.‏

النَّصْرُ

أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ‏:‏ «إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ فَضْلُهَا رُبْعُ الْقُرْآنِ‏»‏.‏

الْإِخْلَاصُ

أَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ‏:‏ «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَضْلُهَا تَعْدِلُ ثُلْثَ الْقُرْآنِ»‏.‏ وَفِي الْبَابِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصِّحَابَةِ‏‏.‏

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّير‏:‏ «وَمَنْ قَرَأَ ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ فِي مَرَضِهِ الَّذِي يَمُوتُ فِيهِ لَمْ يُفْتَنْ فِي قَبْرِهِ، وَأَمِنَ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ، وَحَمْلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَكُفِّهَا حَتَّى تُجِيزَهُ الصِّرَاطَ إِلَى الْجَنَّةِ»‏.‏

وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ‏:‏ «مَنْ قَرَأَ ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ كُلَّ يَوْمٍ مِائَتَيْ مَرَّةٍ مُحِيَ عَنْهُ ذُنُوبُ خَمْسِينَ سَنَةً، إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنَامَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَنَامَ عَلَى يَمِينِهِ، ثُمَّ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ مِائَةَ مَرَّةٍ، فَإِذَا كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ لَهُ الرَّبُّ‏‏:‏ يَا عَبْدِي ادْخُلْ عَلَى يَمِينِكَ الْجَنَّةَ»‏.‏

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الدَّيْلِمِيّ‏:‏ «مَنْ قَرَأَ ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ فِي الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ»‏.‏

وَأَخْرَجَ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ‏:‏ «مَنْ قَرَأَ ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ عَشْرَ مَرَّاتٍ بُنِيَ لَهُ قَصْرٌ فِي الْجَنَّةِ، وَمَنْ قَرَأَهَا عِشْرِينَ مَرَّةً بُنِيَ لَهُ قَصْرَانِ، وَمَنْ قَرَأَهَا ثَلَاثِينَ مَرَّةً بُنِيَ لَهُ ثَلَاثَةٌ»‏.‏

وَأَخْرَجَ فِي الصَّغِيرِ مِنْ حَدِيثِه‏:‏ «مَنْ قَرَأَ ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً، فَكَأَنَّمَا قَرَأَ الْقُرْآنَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، وَكَانَ أَفْضَلَ أَهْلِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ إِذَا اتَّقَى»‏.‏

الْمُعَوِّذَتَانِ

أَخْرَجَ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ‏‏:‏ أَلَا أُعَلِّمُكَ سُوَرًا مَا أُنْزِلَ فِي التَّوْرَاةِ، وَلَا فِي الزَّبُورِ، وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ، وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا قُلْتُ‏‏:‏ بَلَى‏.‏ قَالَ‏‏:‏ ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ وَ‏{‏قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ‏}‏ وَ‏{‏قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ‏}‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ‏‏:‏ أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَفْضَلَ مَا تَعَوَّذَ بِهِ الْمُتَعَوِّذُونَ قَالَ‏‏:‏ بَلَى قَالَ‏‏:‏ ‏{‏قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ‏}‏ وَ‏{‏قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ‏}‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ‏‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ «اقْرَأْ ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي وَحِينَ تُصْبِحُ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ ابْنُ السُّنِّيِّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ‏:‏ «مَنْ قَرَأَ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ وَ‏{‏قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ‏}‏ وَ‏{‏قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ‏}‏ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنَ السُّوءِ إِلَى الْجُمْعَةِ الْأُخْرَى»‏.‏

وَبَقِيَتْ أَحَادِيثُ مِنْ هَذَا الْفَصْلِ أَخَّرْتُهَا إِلَى نَوْعِ الْخَوَاصِّ‏.‏

فَصْلٌ ‏[‏في ذِكْرِ الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ الْمَوْضُوعِ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ‏]‏

أَمَّا الْحَدِيثُ الطَّوِيلُ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ سُورَةً سُورَةً، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كَمَا أَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي الْمَدْخَلِ بِسَنَدِهِ إِلَى أَبِي عَمَّارٍ الْمَرْوَزِيُّ أَنَّهُ قِيلَ لِأَبِي عِصْمَةَ الْجَامِع‏:‏ مِنْ أَيْنَ لَكَ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ سُورَةً سُورَةً، وَلَيْسَ عِنْدَ أَصْحَابِ عِكْرِمَةَ هَذَا‏؟‏ فَقَالَ‏‏:‏ إِنِّي رَأَيْتُ النَّاسَ قَدْ أَعْرَضُوا عَنِ الْقُرْآنِ، وَاشْتَغَلُوا بِفِقْهِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَغَازِي ابْنِ إِسْحَاقَ، فَوَضَعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ حِسْبَةً‏‏.‏

وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي مُقَدِّمَةِ تَارِيخِ الضُّعَفَاءِ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ‏‏:‏ قُلْتُ لِمَيْسَرَةَ بْنِ عَبْدِ رَبِّه‏:‏ مِنْ أَيْنَ جِئْتَ بِهَذِهِ الْأَحَادِيث‏:‏ مَنْ قَرَأَ كَذَا فَلَهُ كَذَا‏؟‏ قَالَ‏‏:‏ وَضَعْتُهَا أُرَغِّبُ النَّاسَ فِيهَا‏‏.‏

‏وَرُوِّينَا عَنِ الْمُؤَمَّلِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ‏‏:‏ حَدَّثَنِي شَيْخٌ بِحَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فِي فَضَائِلِ سُوَرِ الْقُرْآنِ سُورَةً سُورَةً، فَقَالَ‏‏:‏ حَدَّثَنِي رَجُلٌ بِالْمَدَائِنِ، وَهُوَ حَيٌّ فَصِرْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ‏‏:‏ مَنْ حَدَّثَكَ‏؟‏ قَالَ‏‏:‏ حَدَّثَنِي شَيْخٌ بِوَاسِطَ، وَهُوَ حَيٌّ فَصِرْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ‏‏:‏ مَنْ حَدَّثَكَ‏؟‏ قَالَ‏‏:‏ حَدَّثَنِي شَيْخٌ بِالْبَصْرَةِ فَصِرْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ‏‏:‏ مَنْ حَدَّثَكَ‏؟‏ قَالَ‏‏:‏ حَدَّثَنِي شَيْخٌ بِعَبَادَانِ فَصِرْتُ إِلَيْهِ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَدْخَلَنِي بَيْتًا، فَإِذَا فِيهِ مِنَ الْمُتَصَوِّفَةِ وَمَعَهُمْ شَيْخٌ فَقَالَ‏‏:‏ هَذَا الشَّيْخُ حَدَّثَنِي فَقُلْتُ‏‏:‏ يَا شَيْخُ مَنْ حَدَّثَكَ‏؟‏ فَقَالَ‏‏:‏ لَمْ يُحَدِّثْنِي أَحَدٌ، وَلَكِنَّنَا رَأَيْنَا النَّاسَ قَدْ رَغِبُوا عَنِ الْقُرْآنِ فَوَضَعْنَا لَهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ لِيَصْرِفُوا قُلُوبَهُمْ إِلَى الْقُرْآنِ‏‏.‏

قَالَ ابْنُ الصَّلَاح‏:‏ وَلَقَدْ أَخْطَأَ الْوَاحِدِيُّ الْمُفَسِّرُ، وَمَنْ ذَكَرَهُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ فِي إِيدَاعِهِ تَفَاسِيرَهُمْ‏‏.‏

النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالسَّبْعُونَ‏:‏ فِي أَفْضَلِ الْقُرْآنِ وَفَضَائِلِهِ

اخْتَلَفَ النَّاسُ‏:‏ هَلْ فِي الْقُرْآنِ شَيْءٌ أَفْضَلُ مِنْ شَيْءٍ‏؟‏

فَذَهَبَ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ، وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ إِلَى الْمَنْعِ لِأَنَّ الْجَمِيعَ كَلَامُ اللَّهِ، وَلِئَلَّا يُوهِمَ التَّفْضِيلُ نَقَصَ الْمُفَضَّلِ عَلَيْهِ، وَرَوَى هَذَا الْقَوْلَ عَنْ مَالِكٍ‏‏.‏

قَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى‏:‏ تَفْضِيلُ بَعْضِ الْقُرْآنِ عَلَى بَعْضٍ خَطَأٌ، وَلِذَلِكَ كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ تُعَادَ سُورَةٌ أَوْ تُرَدَّدَ دُونَ غَيْرِهَا‏‏.‏

وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ‏:‏ «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ مِثْلَ أُمِّ الْقُرْآنِ، إِنَّ اللَّهَ لَا يُعْطِي لِقَارِئِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مِنَ الثَّوَابِ مِثْلَ مَا يُعْطِي لِقَارِئِ أُمِّ الْقُرْآنِ، إِذِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِفَضْلِهِ فَضَّلَ هَذِهِ الْأُمَّةَ عَلَى غَيْرِهَا مِنَ الْأُمَمِ، وَأَعْطَاهَا مِنَ الْفَضْلِ عَلَى قِرَاءَةِ كَلَامِهِ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى غَيْرَهَا مِنَ الْفَضْلِ عَلَى قِرَاءَةِ كَلَامِهِ‏»‏.‏ قَالَ‏‏:‏ وَقَوْلُهُ‏:‏ أَعْظَمُ سُورَةٍ أَرَادَ بِهِ فِي الْأَجْرِ لَا أَنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ‏‏.‏

وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى التَّفْضِيلِ لِظَوَاهِرِ الْأَحَادِيثِ مِنْهُمْ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ وَالْغَزَالِيُّ‏‏.‏

وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ‏‏:‏ إِنَّهُ لَحَقٌّ وَنَقَلَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ‏‏.‏

وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي جَوَاهِرِ الْقُرْآن‏:‏ لَعَلَّكَ أَنْ تَقُولَ‏:‏ قَدْ أَشَرْتَ إِلَى تَفْضِيلِ بَعْضِ آيَاتِ الْقُرْآنِ عَلَى بَعْضٍ، وَالْكَلَامُ كَلَامُ اللَّهِ، فَكَيْفَ يُفَارِقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَكَيْفَ يَكُونُ بَعْضُهَا أَشْرَفَ مِنْ بَعْضٍ، فَاعْلَمْ أَنَّ نُورَ الْبَصِيرَةِ إِنْ كَانَ لَا يُرْشِدُكَ إِلَى الْفَرْقِ بَيْنَ آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَآيَةِ الْمُدَايَنَاتِ، وَبَيْنَ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ وَسُورَةِ تَبَّتْ، وَتَرْتَاعُ عَلَى اعْتِقَادِ الْفَرْقِ نَفْسُكَ الْخَوَّارَةُ الْمُسْتَغْرِقَةُ بِالتَّقْلِيدِ، فَقَلِّدْ صَاحِبَ الرِّسَالَةِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ‏‏.‏

وَقَالَ‏:‏ «يس قَلْبُ الْقُرْآنِ» وَ«فَاتِحَةُ الْكِتَابِ أَفْضَلُ سُوَرِ الْقُرْآنِ» وَ«آيَةُ الْكُرْسِيِّ سَيِّدَةُ آيِ الْقُرْآنِ» وَ«قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ»‏.‏

وَالْأَخْبَارُ الْوَارِدَةُ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ، وَتَخْصِيصِ بَعْضِ السُّوَرِ وَالْآيَاتِ بِالْفَضْلِ، وَكَثْرَةِ الثَّوَابِ فِي تِلَاوَتِهَا لَا تُحْصَى‏.‏ انْتَهَى‏.‏

وَقَالَ ابْنُ الْحَصَّار‏:‏ الْعَجَبُ مِمَّنْ يَذْكُرُ الِاخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ، مَعَ النُّصُوصِ الْوَارِدَةِ بِالتَّفْضِيلِ‏‏.‏

وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَام‏:‏ كَلَامُ اللَّهِ فِي اللَّهِ أَفْضَلُ مِنْ كَلَامِهِ فِي غَيْرِهِ، فَـ ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ أَفْضَلُ مِنْ ‏{‏تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ‏}‏‏.‏

وَقَالَ الْخُوَيِّيُّ‏‏:‏ كَلَامُ اللَّهِ أَبْلَغُ مِنْ كَلَامِ الْمَخْلُوقِينَ‏‏.‏ وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ‏:‏ بَعْضُ كَلَامِهِ أَبْلَغُ مِنْ بَعْضِ الْكَلَامِ‏؟‏ جَوَّزَهُ قَوْمٌ لِقُصُورِ نَظَرِهِمْ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْقَائِل‏:‏ هَذَا الْكَلَامُ أَبْلَغُ مِنْ هَذَا‏، أَنَّ هَذَا فِي مَوْضِعِهِ لَهُ حُسْنٌ وَلُطْفٌ، وَذَاكَ فِي مَوْضِعِهِ لَهُ حُسْنٌ وَلُطْفٌ، وَهَذَا الْحُسْنُ فِي مَوْضِعِهِ أَكْمَلُ مِنْ ذَاكَ فِي مَوْضِعِهِ‏‏.‏

قَالَ‏:‏ فَإِنَّ مَنْ قَالَ‏‏:‏ إِنَّ ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ أَبْلَغُ مِنْ ‏{‏تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ‏}‏ جَعَلَ الْمُقَابَلَةَ بَيْنَ ذِكْرِ اللَّهِ وَذِكْرِ أَبِي لَهَبٍ، وَبَيْنَ التَّوْحِيدِ وَالدُّعَاءِ عَلَى الْكَافِرِ، وَذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ‏:‏ ‏{‏تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ‏}‏ دُعَاءٌ عَلَيْهِ بِالْخُسْرَانِ، فَهَلْ تُوجَدُ عِبَارَةٌ لِلدُّعَاءِ بِالْخُسْرَانِ أَحْسَنُ مِنْ هَذِهِ، وَكَذَلِكَ فِي ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ لَا تُوجَدُ عِبَارَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْوَحْدَانِيَّةِ أَبْلَغُ مِنْهَا، فَالْعَالِمُ إِذَا نَظَرَ إِلَى‏:‏ ‏{‏تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ‏}‏ فِي بَابِ الدُّعَاءِ بِالْخُسْرَانِ، وَنَظَرَ إِلَى ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ فِي بَابِ التَّوْحِيدِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا أَبْلَغُ مِنَ الْآخَرِ‏.‏ انْتَهَى‏.‏

وَقَالَ غَيْرُهُ‏‏:‏ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِالتَّفْضِيلِ فَقَالَ بَعْضُهُمُ‏:‏ الْفَضْلُ رَاجِعٌ إِلَى عِظَمِ الْأَجْرِ وَمُضَاعَفَةِ الثَّوَابِ، بِحَسْبِ انْفِعَالَاتِ النَّفْسِ وَخَشْيَتِهَا وَتَدَبُّرِهَا وَتَفَكُّرِهَا عِنْدَ وُرُودِ أَوْصَافِ الْعُلَا، وَقِيلَ‏:‏ بَلْ يُرْجَعُ لِذَاتِ اللَّفْظِ، وَأَنَّ مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ‏}‏ الْآيَةَ، وَآيَةُ الْكُرْسِيِّ، وَآخَرُ سُورَةِ الْحَشْرِ، وَسُورَةُ الْإِخْلَاصِ مِنَ الدَّلَالَاتِ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ وَصِفَاتِهِ لَيْسَ مَوْجُودًا مَثَلًا فِي ‏{‏تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ‏}‏ وَمَا كَانَ مِثْلَهَا فَالتَّفْضِيلُ إِنَّمَا هُوَ بِالْمَعَانِي الْعَجِيبَةِ وَكَثْرَتِهَا‏‏.‏

وَقَالَ الْحَلِيمِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ‏‏:‏ مَعْنَى التَّفْضِيلِ يَرْجِعُ إِلَى أَشْيَاءَ‏‏.‏

أَحَدُهَا‏‏:‏ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ بِآيَةٍ أَوْلَى مِنَ الْعَمَلِ بِأُخْرَى، وَأَعْوَدُ عَلَى النَّاسِ، وَعَلَى هَذَا يُقَالُ‏‏:‏ آيَةُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ خَيْرٌ مِنْ آيَاتِ الْقَصَصِ، لِأَنَّهَا إِنَّمَا أُرِيدَ بِهَا تَأْكِيدُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْإِنْذَارِ وَالتَّبْشِيرِ، وَلَا غِنَى بِالنَّاسِ عَنْ هَذِهِ الْأُمُورِ، وَقَدْ يَسْتَغْنُونَ عَنِ الْقَصَصِ، فَكَانَ مَا هُوَ أَعْوَدُ عَلَيْهِمْ وَأَنْفَعُ لَهُمْ مِمَّا يَجْرِي مَجْرَى الْأُصُولِ خَيْرًا لَهُمْ مِمَّا يُجْعَلُ لَهُمْ تَبَعًا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ‏‏.‏

الثَّانِي‏‏:‏ أَنْ يُقَالَ‏‏:‏ الْآيَاتُ الَّتِي تَشْتَمِلُ عَلَى تَعْدِيدِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَبَيَانِ صِفَاتِهِ وَالدَّلَالَةِ عَلَى عَظَمَتِهِ أَفْضَلُ، بِمَعْنَى أَنَّ مُخْبِرَاتِهَا أَسْنَى، وَأَجَلُّ قَدْرًا‏‏.‏

الثَّالِثُ‏‏:‏ أَنْ يُقَالَ‏‏:‏ سُورَةٌ خَيْرٌ مِنْ سُورَةٍ، أَوْ آيَةٌ خَيْرٌ مِنْ آيَةٍ، بِمَعْنَى أَنَّ الْقَارِئَ يَتَعَجَّلُ لَهُ بِقِرَاءَتِهَا فَائِدَةً سِوَى الثَّوَابِ الْآجِلِ، وَيَتَأَدَّى مِنْهُ بِتِلَاوَتِهَا عِبَادَةٌ، كَقِرَاءَةِ آيَةِ الْكُرْسِيِّ، وَالْإِخْلَاصِ، وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ، فَإِنَّ قَارِئَهَا يَتَعَجَّلُ بِقِرَاءَتِهَا الِاحْتِرَازَ مِمَّا يَخْشَى، وَالِاعْتِصَامَ بِاللَّهِ، وَيَتَأَدَّى بِتِلَاوَتِهَا عِبَادَةُ اللَّهِ، لِمَا فِيهَا مِنْ ذِكْرِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِالصِّفَاتِ الْعُلَا عَلَى سَبِيلِ الِاعْتِقَادِ لَهَا، وَسُكُونِ النَّفْسِ إِلَى فَضْلِ ذَلِكَ الذِّكْرِ وَبَرَكَتِهِ‏‏.‏ فَأَمَّا آيَاتُ الْحُكْمِ فَلَا يَقَعُ بِنَفْسِ تِلَاوَتِهَا إِقَامَةُ حُكْمٍ وَإِنَّمَا يَقَعُ بِهَا عِلْمٌ‏‏.‏

ثُمَّ لَوْ قِيلَ فِي الْجُمْلَة‏:‏ إِنَّ الْقُرْآنَ خَيْرٌ مِنَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ بِمَعْنَى أَنَّ التَّعَبُّدَ بِالتِّلَاوَةِ، وَالْعِلْمَ وَاقِعٌ بِهِ دُونَهَا، وَالثَّوَابَ بِحَسَبِ قِرَاءَتِهِ لَا بِقِرَاءَتِهَا، أَوْ أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ الْإِعْجَازُ حُجَّةُ النَّبِيِّ الْمَبْعُوثِ، وَتِلْكَ الْكُتُبُ لَمْ تَكُنْ مُعْجِزَةً، وَلَا كَانَتْ حُجَجُ أُولَئِكَ الْأَنْبِيَاءِ، بَلْ كَانَتْ دَعْوَتُهُمْ وَالْحُجَجُ غَيْرَهَا، وَكَانَ ذَلِكَ أَيْضًا نَظِيرَ مَا مَضَى‏.‏

وَقَدْ يُقَالُ‏‏:‏ إِنَّ سُورَةً أَفْضَلُ مِنْ سُورَةٍ‏;‏ لِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَ قِرَاءَتَهَا كَقِرَاءَةِ أَضْعَافِهَا مِمَّا سِوَاهَا، وَأَوْجَبَ بِهَا مِنَ الثَّوَابِ مَا لَمْ يُوجِبْ بِغَيْرِهَا وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ بَلَغَ بِهَا هَذَا الْمِقْدَارَ لَا يَظْهَرُ لَنَا، كَمَا يُقَالُ‏:‏ إِنَّ يَوْمًا أَفْضَلُ مِنْ يَوْمٍ، وَشَهْرًا أَفْضَلُ مِنْ شَهْرٍ، بِمَعْنَى الْعِبَادَةُ فِيهِ تَفْضُلُ عَلَى الْعِبَادَةِ فِي غَيْرِهِ، وَالذَّنْبُ فِيهِ أَعْظَمُ مِنْهُ فِي غَيْرِهِ، وَكَمَا يُقَالُ‏:‏ إِنَّ الْحَرَمَ أَفْضَلُ مِنَ الْحِلِّ لِأَنَّهُ يَتَأَدَّى فِيهِ مِنَ الْمَنَاسِكِ مَا لَا يَتَأَدَّى فِي غَيْرِهِ، وَالصَّلَاةُ فِيهِ تَكُونُ كَصَلَاةٍ مُضَاعَفَةٍ مِمَّا تُقَامُ فِي غَيْرِهَا‏.‏ انْتَهَى كَلَامُ الْحَلِيمِيِّ‏‏.‏

وَقَالَ ابْنُ التِّينِ فِي حَدِيثِ الْبُخَارِيّ‏:‏ «لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ» مَعْنَاهُ‏:‏ أَنَّ ثَوَابَهَا أَعْظَمُ مِنْ غَيْرِهَا‏‏.‏

وَقَالَ غَيْرُهُ‏‏:‏ إِنَّمَا كَانَتْ أَعْظَمَ السُّوَرِ، لِأَنَّهَا جَمَعَتْ جَمِيعَ مَقَاصِدِ الْقُرْآنِ‏;‏ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ أُمَّ الْقُرْآنِ‏‏.‏

وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ‏‏:‏ إِنَّ اللَّهَ أَوْدَعَ عُلُومَ الْكُتُبِ السَّابِقَةِ فِي الْقُرْآنِ، ثُمَّ أَوْدَعَ عُلُومَ الْقُرْآنِ الْفَاتِحَةَ، فَمَنْ عَلِمَ تَفْسِيرَهَا كَانَ كَمَنْ عَلِمَ تَفْسِيرَ جَمِيعِ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ‏‏.‏ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ‏.‏

وَبَيَانُ اشْتِمَالِهَا عَلَى عُلُومِ الْقُرْآنِ قَرَّرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ، بِاشْتِمَالِهَا عَلَى الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَعَلَى التَّعَبُّدِ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَعَلَى الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، وَآيَاتُ الْقُرْآنِ لَا تَخْلُو عَنْ أَحَدٍ هَذِهِ الْأُمُورِ‏‏.‏

وَقَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّين‏:‏ الْمَقْصُودُ مِنَ الْقُرْآنِ كُلِّهِ تَقْرِيرُ أُمُورٍ أَرْبَعَةٍ‏‏:‏ الْإِلَهِيَّاتِ، وَالْمَعَادِ، وَالنُّبُوَّاتِ، وَإِثْبَاتِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ لِلَّهِ تَعَالَى‏.‏ فَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏}‏ ‏[‏الْفَاتِحَة‏:‏ 2‏]‏‏.‏ يَدُلُّ عَلَى الْإِلَهِيَّاتِ، وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ‏}‏ يَدُلُّ عَلَى الْمَعَادِ وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏}‏ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْخَبَرِ، وَعَلَى إِثْبَاتِ أَنَّ الْكُلَّ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ، وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ‏}‏ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ يَدُلُّ عَلَى إِثْبَاتِ قَضَاءِ اللَّهِ وَعَلَى النُّبُوَّاتِ‏‏.‏ فَلَمَّا كَانَ الْمَقْصِدُ الْأَعْظَمُ مِنَ الْقُرْآنِ هَذِهِ الْمَطَالِبَ الْأَرْبَعَةَ وَهَذِهِ السُّورَةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَيْهَا سُمِّيَتْ أُمَّ الْقُرْآنِ‏‏.‏

وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ‏‏:‏ هِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْحِكَمِ النَّظَرِيَّةِ، وَالْأَحْكَامِ الْعَمَلِيَّةِ الَّتِي هِيَ سُلُوكُ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ، وَالِاطِّلَاعُ عَلَى مَرَاتِبِ السُّعَدَاءِ وَمَنَازِلِ الْأَشْقِيَاءِ‏‏.‏

وَقَالَ الطِّيبِيُّ‏:‏ هِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ مِنَ الْعُلُومِ الَّتِي هِيَ مَنَاطُ الدِّينِ‏‏.‏

أَحَدُهَا‏‏:‏ عِلْمُ الْأُصُولِ وَمُعَاقَدَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ، وَإِلَيْهَا الْإِشَارَةُ بِقَوْلِه‏:‏ ‏{‏الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ‏{‏وَمَعْرِفَةُ النُّبُوَّةِ وَهِيَ الْمُرَادَةُ بِقوله‏:‏ ‏{‏أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏}‏ وَمَعْرِفَةُ الْمَعَادِ وَهُوَ الْمُومِئُ إِلَيْهِ بِقَوْلِه‏:‏ ‏{‏مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ‏}‏‏.‏

وَثَانِيهَا‏‏:‏ عِلْمُ الْفُرُوعِ، وَأُسُّهُ الْعِبَادَاتُ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقوله‏:‏ ‏{‏إِيَّاكَ نَعْبُدُ‏}‏‏.‏

وَثَالِثُهَا‏‏:‏ عِلْمٌ يَحْصُلُ بِهِ الْكَمَالُ وَهُوَ عِلْمُ الْأَخْلَاقِ، وَأَجَلُّهُ الْوُصُولُ إِلَى الْحَضْرَةِ الصَّمَدَانِيَّةِ وَالِالْتِجَاءِ إِلَى جَنَابِ الْفَرْدَانِيَّةِ وَالسُّلُوكُ لِطَرِيقِهِ، وَالِاسْتِقَامَةُ فِيهَا وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِه‏:‏ ‏{‏إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ‏}‏‏.‏

وَرَابِعُهَا‏‏:‏ عِلْمُ الْقَصَصِ وَالْأَخْبَارِ عَنِ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ، وَالْقُرُونِ الْخَالِيَةِ، السُّعَدَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَشْقِيَاءِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا مِنْ وَعْدِ مُحْسِنِهِمْ وَوَعِيدِ مُسِيئِهِمْ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِه‏:‏ ‏{‏أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ‏}‏ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ‏‏:‏ مَقَاصِدُ الْقُرْآنِ سِتَّةُ‏‏:‏ ثَلَاثَةٌ مُهِمَّةٌ وَثَلَاثَةٌ مُتِمَّةٌ‏‏.‏

الْأُولَى‏:‏ تَعْرِيفُ الْمَدْعُوِّ إِلَيْهِ كَمَا أُشِيرُ إِلَيْهِ بِصَدْرِهَا، وَتَعْرِيفُ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِيهَا، وَتَعْرِيفُ الْحَالِ عِنْدَ الرُّجُوعِ إِلَيْهِ تَعَالَى وَهُوَ الْآخِرَةُ، كَمَا أُشِيرَ إِلَيْهِ بِـ ‏{‏مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ‏}‏ وَالْأُخْرَى تَعْرِيفُ أَحْوَالِ الْمُطِيعِينَ كَمَا أُشِيرَ إِلَيْهِ بِقَوْلِه‏:‏ ‏{‏الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏}‏ وَحِكَايَةُ أَقْوَالِ الْجَاحِدِينَ وَقَدْ أُشِيرَ إِلَيْهَا بِـ ‏{‏الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ‏}‏ وَتَعْرِيفُ مَنَازِلِ الطَّرِيقِ كَمَا أُشِيرَ إِلَيْهِ بِقَوْلِه‏:‏ ‏{‏إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏}‏ انْتَهَى‏.‏

وَلَا يُنَافِي هَذَا وَصْفُهَا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ بِكَوْنِهَا ثُلُثَيِ الْقُرْآنِ‏;‏ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ وَجَّهَهُ بِأَنَّ دَلَالَاتِ الْقُرْآنِ الْعَظِيم‏:‏ إِمَّا أَنْ تَكُونَ بِالْمُطَابَقَةِ أَوْ بِالتَّضَمُّنِ أَوْ بِالِالْتِزَامِ، وَهَذِهِ السُّورَةُ تَدُلُّ جَمِيعَ مَقَاصِدِ الْقُرْآنِ بِالتَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ دُونَ الْمُطَابَقَةِ، وَالِاثْنَانِ مِنَ الثَّلَاثَةِ ثُلُثَانِ‏.‏ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهُ‏، وَنَاصِرُ الدِّينِ بْنُ الْمَيْلَقِ‏.‏

قَالَ‏‏:‏ وَأَيْضًا الْحُقُوقُ ثَلَاثَةٌ‏‏:‏ حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَحَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ، وَحَقُّ بَعْضِ الْعِبَادِ عَلَى بَعْضٍ، وَقَدِ اشْتَمَلَتِ الْفَاتِحَةُ صَرِيحًا عَلَى الْحَقَّيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَنَاسَبَ كَوْنَهَا بِصَرِيحِهَا ثُلُثَيْنِ‏‏.‏ وَحَدِيثُ «قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ» شَاهِدٌ لِذَلِكَ‏‏.‏

قُلْتُ‏‏:‏ وَلَا تَنَافِيَ أَيْضًا بَيْنَ كَوْنِ الْفَاتِحَةِ أَعْظَمَ السُّوَرِ، وَبَيْنَ الْحَدِيثِ الْآخَرِ «أَنَّ الْبَقَرَةَِ أَعْظَمُ السُّوَرِ»‏;‏ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا عَدَا الْفَاتِحَةَ مِنَ السُّوَرِ الَّتِي فُصِّلَتْ فِيهَا الْأَحْكَامُ، وَضُرِبَتِ الْأَمْثَالُ، وَأُقِيمَتِ الْحُجَجُ، إِذْ لَمْ تَشْتَمِلْ سُورَةٌ عَلَى مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ فُسْطَاطَ الْقُرْآنِ‏‏.‏

قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي أَحْكَامِه‏:‏ سَمِعْتُ بَعْضَ أَشْيَاخِي يَقُولُ‏:‏ فِيهَا أَلْفُ أَمْرٍ، وَأَلْفُ نَهْيٍ، وَأَلْفُ حُكْمٍ، وَأَلْفُ خَبَرٍ، وَلِعَظِيمِ فِقْهِهَا أَقَامَ ابْنُ عُمَرَ ثَمَانِيَ سِنِينَ عَلَى تَعْلِيمِهَا‏.‏ أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ‏‏.‏

وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَيْضًا‏:‏ إِنَّمَا صَارَتْ آيَةُ الْكُرْسِيِّ أَعْظَمَ الْآيَاتِ لِعَظَمِ مُقْتَضَاهَا، فَإِنَّ الشَّيْءَ إِنَّمَا يَشْرُفُ بِشَرَفِ ذَاتِهِ وَمُقْتَضَاهُ وَتَعَلُّقَاتِهِ، وَهِيَ فِي آيِ الْقُرْآنِ كَسُورَةِ الْإِخْلَاصِ فِي سُوَرِهِ، إِلَّا أَنَّ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ تَفْضُلُهَا بِوَجْهَيْنِ‏‏.‏

أَحَدُهُمَا‏‏:‏ أَنَّهَا سُورَةٌ، وَهَذِهِ آيَةٌ، وَالسُّورَةُ أَعْظَمُ لِأَنَّهُ وَقَعَ التَّحَدِّي بِهَا، فَهِيَ أَفْضَلُ مِنَ الْآيَةِ الَّتِي لَمْ يُتَحَدَّ بِهَا‏‏.‏

وَالثَّانِي‏‏:‏ أَنَّ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ اقْتَضَتِ التَّوْحِيدَ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ حَرْفًا، وَآيَةُ الْكُرْسِيِّ اقْتَضَتِ التَّوْحِيدَ فِي خَمْسِينَ حَرْفًا، فَظَهَرَتِ الْقُدْرَةُ فِي الْإِعْجَازِ بِوَضْعِ مَعْنًى مُعَبَّرٍ عَنْهُ بِخَمْسِينَ حَرْفًا، ثُمَّ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ، وَذَلِكَ بَيَانٌ لِعَظِيمِ الْقُدْرَةِ وَالِانْفِرَادِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ‏‏.‏

‏وَقَالَ ابْنُ الْمُنِير‏:‏ اشْتَمَلَتْ آيَةُ الْكُرْسِيِّ عَلَى مَا لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ أَنَّهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا فِيهَا اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى ظَاهِرًا فِي بَعْضِهَا، وَمُسْتَكِنًّا فِي بَعْضٍ، وَهِيَ‏:‏ اللَّهُ، هُوَ، الْحَيُّ، الْقَيُّومُ، ضَمِيرُ لَا تَأْخُذُهُ، وَلَهُ، وَعِنْدَهُ، وَبِإِذْنِهِ، وَيَعْلَمُ، وَعِلْمِهِ، وَشَاءَ، وَكُرْسِيُّهُ، وَيَئُودُهُ، ضَمِيرُ حِفْظُهُمَا، الْمُسْتَتِرُ الَّذِي هُوَ فَاعِلُ الْمَصْدَرُ، وَهُوَ، الْعَلِيُّ، الْعَظِيمُ‏.‏

وَإِنْ عَدَدْتَ الضَّمَائِرَ الْمُتَحَمِّلَةَ فِي‏:‏ الْحَيُّ، الْقَيُّومُ، الْعَلِيُّ، الْعَظِيمُ، وَالضَّمِيرُ الْمُقَدَّرُ قَبْلَ الْحَيُّ عَلَى أَحَدِ الْأَعَارِيبِ صَارَتِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ‏‏.‏

وَقَالَ الْغَزَالِيُّ‏‏:‏ إِنَّمَا كَانَتْ آيَةُ الْكُرْسِيِّ سَيِّدَةَ الْآيَاتِ لِأَنَّهَا اشْتَمَلَتْ عَلَى ذَاتِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ فَقَطْ، لَيْسَ فِيهَا غَيْرُ ذَلِكَ، وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ هُوَ الْمَقْصُودُ الْأَقْصَى فِي الْعُلُومِ، وَمَا عَدَاهُ تَابِعٌ لَهُ، وَالسَّيِّدُ اسْمٌ لِلْمَتْبُوعِ الْمُقَدَّمِ، فَقَوْلُهُ‏:‏ اللَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى الذَّاتِ ‏{‏لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ‏}‏ إِشَارَةٌ إِلَى تَوْحِيدِ الذَّاتِ ‏{‏الْحَيُّ الْقَيُّومُ‏}‏ إِشَارَةٌ إِلَى صِفَةِ الذَّاتِ وَجَلَالِهِ، فَإِنَّ مَعْنَى الْقَيُّومِ الَّذِي يَقُومُ بِنَفْسِهِ، وَيَقُومُ بِهِ غَيْرُهُ، وَذَلِكَ غَايَةُ الْجَلَالِ وَالْعَظَمَةِ‏.‏ ‏{‏لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ‏}‏ تَنْزِيهٌ وَتَقْدِيسٌ لَهُ عَمَّا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ مِنْ أَوْصَافِ الْحَوَادِثِ، وَالتَّقْدِيسُ عَمَّا يَسْتَحِيلُ أَحَدُ أَقْسَامِ الْمَعْرِفَةِ ‏{‏لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ‏}‏ إِشَارَةٌ إِلَى الْأَفْعَالِ كُلِّهَا، وَأَنْ جَمِيعَهَا مِنْهُ وَإِلَيْهِ ‏{‏مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ‏}‏ إِشَارَةٌ إِلَى انْفِرَادِهِ بِالْمُلْكِ وَالْحُكْمِ بِالْأَمْرِ، وَأَنَّ مَنْ يَمْلِكُ الشَّفَاعَةَ إِنَّمَا يَمْلِكُهَا بِتَشْرِيفِهِ إِيَّاهُ وَالْإِذْنِ فِيهَا، وَهَذَا نَفْيُ الشَّرِكَةِ عَنْهُ فِي الْحُكْمِ، وَالْأَمْرِ ‏{‏يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ‏}‏ إِلَى قَوْلِهِ شَاءَ إِشَارَةٌ إِلَى صِفَةِ الْعِلْمِ وَتَفْضِيلِ بَعْضِ الْمَعْلُومَاتِ، وَالِانْفِرَادِ بِالْعِلْمِ حَتَّى لَا عِلْمَ لِغَيْرِهِ إِلَّا مَا أَعْطَاهُ وَوَهَبَهُ، عَلَى قَدْرِ مَشِيئَتِهِ وَإِرَادَتِهِ ‏{‏وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ‏}‏ إِشَارَةٌ إِلَى عَظَمَةِ مُلْكِهِ وَكَمَالِ قُدْرَتِهِ‏.‏ ‏{‏وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا‏}‏ إِشَارَةٌ إِلَى صِفَةِ الْقُدْرَةِ وَكَمَالِهَا، وَتَنْزِيهِهَا عَنِ الضَّعْفِ وَالنُّقْصَانِ‏.‏ ‏{‏وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ‏}‏ إِشَارَةٌ إِلَى أَصْلَيْنِ عَظِيمَيْنِ فِي الصِّفَاتِ‏‏.‏

فَإِذَا تَأَمَّلْتَ هَذِهِ الْمَعَانِيَ، ثُمَّ تَلَوْتَ جَمِيعَ آيِ الْقُرْآنِ لَمْ تَجِدْ جُمْلَتَهَا مَجْمُوعَةً فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنَّ ‏{‏شْهِدُ اللَّهَ‏}‏ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 18‏]‏‏.‏ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا التَّوْحِيدُ، وَسُورَةُ الْإِخْلَاصِ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا التَّوْحِيدُ وَالتَّقْدِيسُ، وَ‏{‏قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ‏}‏ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا الْأَفْعَالُ، وَالْفَاتِحَةُ فِيهَا الثَّلَاثَةُ، لَكِنْ غَيْرُ مَشْرُوحَةٍ بَلْ مَرْمُوزَةٌ، وَالثَّلَاثَةُ مَجْمُوعَةٌ مَشْرُوحَةٌ فِي آيَةِ الْكُرْسِيِّ‏.‏

وَالَّذِي يَقْرُبُ مِنْهَا فِي جَمْعِهَا آخِرُ الْحَشْرِ وَأَوَّلُ الْحَدِيدِ، وَلَكِنَّهَا آيَاتٌ لَا آيَةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِذَا قَابَلْتَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ، بِإِحْدَى تِلْكَ الْآيَاتِ، وَجَدْتَهَا أَجْمَعَ لِلْمَقَاصِدِ، فَلِذَلِكَ اسْتَحَقَّتِ السِّيَادَةَ عَلَى الْآيِ، كَيْفَ وَفِيهَا الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَهُوَ الِاسْمُ الْأَعْظَمُ كَمَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ انْتَهَى كَلَامُ الْغَزَالِيِّ‏‏.‏

ثُمَّ قَالَ‏‏:‏ إِنَّمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْفَاتِحَة‏:‏ أَفْضَلُ، وَفِي أَيَّةِ الْكُرْسِيّ‏:‏ سَيِّدَةٌ، لِسِرٍّ وَهُوَ أَنَّ الْجَامِعَ بَيْنَ فُنُونِ الْفَضْلِ وَأَنْوَاعِهَا الْكَثِيرَةِ يُسَمَّى أَفْضَلَ، فَإِنَّ الْفَضْلَ هُوَ الزِّيَادَةُ وَالْأَفْضَلُ هُوَ الْأَزْيَدُ‏‏.‏ وَأَمَّا السُّؤْدُدُ فَهُوَ رُسُوخُ مَعْنَى الشَّرَفِ الَّذِي يَقْتَضِي الِاسْتِتْبَاعَ، وَيَأْبَى التَّبَعِيَّةَ، وَالْفَاتِحَةُ تَتَضَمَّنُ التَّنْبِيهُ عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَةٍ، وَمَعَارِفَ مُخْتَلِفَةٍ، فَكَانَتْ أَفْضَلَ، وَآيَةُ الْكُرْسِيِّ تَشْتَمِلُ عَلَى الْمَعْرِفَةِ الْعُظْمَى، الَّتِي هِيَ الْمَقْصُودَةُ الْمَتْبُوعَةُ الَّتِي تَتْبَعُهَا سَائِرُ الْمَعَارِفِ، فَكَانَ اسْمُ السَّيِّدِ بِهَا أَلْيَقَ‏‏.‏ انْتَهَى‏.‏

‏ثُمَّ قَالَ فِي حَدِيث‏:‏ «قَلْبُ الْقُرْآنِ يس» إِنَّ ذَلِكَ لِأَنَّ الْإِيمَانَ صِحَّتُهُ بِالِاعْتِرَافِ بِالْحَشْرِ وَالنَّشْرِ، وَهُوَ مُقَرَّرٌ فِي هَذِهِ السُّورَةِ بِأَبْلَغِ وَجْهٍ، فَجُعِلَتْ قَلْبَ الْقُرْآنِ لِذَلِكَ، وَاسْتَحْسَنَهُ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ‏‏.‏

وَقَالَ النَّسَفِيُّ‏‏:‏ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ‏‏:‏ إِنَّ هَذِهِ السُّورَةَ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا تَقْرِيرُ الْأُصُولِ الثَّلَاثَة‏:‏ الْوَحْدَانِيَّةُ وَالرِّسَالَةُ وَالْحَشْرُ، وَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالْقَلْبِ وَالْجَنَانِ‏‏.‏ وَأَمَّا الَّذِي بِاللِّسَانِ وَالْأَرْكَانِ فَفِي غَيْرِ هَذِهِ السُّورَةِ، فَلَمَّا كَانَ فِيهَا أَعْمَالُ الْقَلْبِ لَا غَيْرَ سَمَّاهَا قَلْبًا، وَلِهَذَا أَمَرَ بِقِرَاءَتِهَا عِنْدَ الْمُحْتَضِرِ، لِأَنَّ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ يَكُونُ اللِّسَانُ ضَعِيفَ الْقُوَّةِ وَالْأَعْضَاءُ سَاقِطَةً لَكِنَّ الْقَلْبَ قَدْ أَقْبَلَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَرَجَعَ عَمَّا سِوَاهُ، فَيُقْرَأُ عِنْدَهُ مَا يَزْدَادُ بِهِ قُوَّةً فِي قَلْبِهِ، وَيَشْتَدُّ تَصْدِيقُهُ بِالْأُصُولِ الثَّلَاثَةِ‏.‏ انْتَهَى‏.‏

اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي مَعْنَى كَوْنِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، فَقِيلَ‏:‏ كَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ شَخْصًا يُكَرِّرُهَا تَكْرَارَ مَنْ يَقْرَأُ ثُلْثَ الْقُرْآنِ، فَخَرَجَ الْجَوَابُ عَلَى هَذَا وَفِيهِ بُعْدٌ عَنْ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَسَائِرُ طُرُقِ الْحَدِيثِ تَرُدُّهُ‏‏.‏

وَقِيلَ‏:‏ لِأَنَّ الْقُرْآنَ يَشْتَمِلُ عَلَى قَصَصٍ وَشَرَائِعَ وَصِفَاتٍ، وَسُورَةُ الْإِخْلَاصِ كُلُّهَا صِفَاتٌ فَكَانَتْ ثُلُثًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ‏‏.‏

وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْجَوَاهِر‏:‏ مَعَارِفُ الْقُرْآنِ الْمُهِمَّةُ ثَلَاثَةٌ‏‏:‏ مَعْرِفَةُ التَّوْحِيدِ، وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَالْآخِرَةِ، وَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْأَوَّلِ فَكَانَتْ ثُلُثًا‏‏.‏

وَقَالَ أَيْضًا فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الرَّازِيُّ‏‏:‏ الْقُرْآنُ يَشْتَمِلُ عَلَى الْبَرَاهِينِ الْقَاطِعَةِ عَلَى وُجُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَوَحْدَانِيَّتِهِ وَصِفَاتِه‏:‏ إِمَّا صِفَاتُ الْحَقِيقَةِ، وَإِمَّا صِفَاتُ الْفِعْلِ، وَإِمَّا صِفَاتُ الْحُكْمِ، فَهَذِهِ أُمُورٌ ثَلَاثَةٌ، وَهَذِهِ السُّورَةُ تَشْتَمِلُ عَلَى صِفَاتِ الْحَقِيقَةِ فَهِيَ ثُلُثٌ‏‏.‏

وَقَالَ الْخُوَيِّي‏ُّ‏:‏ الْمَطَالِبُ الَّتِي فِي الْقُرْآنِ مُعْظَمُهَا الْأُصُولُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي بِهَا يَصِحُّ الْإِسْلَامُ، وَيَحْصُلُ الْإِيمَانُ، وَهِيَ‏:‏ مَعْرِفَةُ اللَّهِ، وَالِاعْتِرَافُ بِصِدْقِ رَسُولِهِ، وَاعْتِقَادُهُ الْقِيَامَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ مَنْ عَرَفَ أَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَادِقٌ، وَأَنَّ الدِّينَ وَاقِعٌ، صَارَ مُؤْمِنًا حَقًّا، وَمَنْ أَنْكَرَ شَيْئًا مِنْهَا كَفَرَ قَطْعًا، وَهَذِهِ السُّورَةُ تُفِيدُ الْأَصْلَ الْأَوَّلَ، فَهِيَ ثُلُثُ الْقُرْآنِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ‏‏.‏

وَقَالَ غَيْرُهُ‏‏:‏ الْقُرْآنُ قِسْمَان‏:‏ خَبَرٌ وَإِنْشَاءٌ‏‏.‏ وَالْخَبَرُ قِسْمَان‏:‏ خَبَرٌ عَنِ الْخَالِقِ، وَخَبَرٌ عَنِ الْمَخْلُوقِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَثْلَاثٍ‏‏.‏ وَسُورَةُ الْإِخْلَاصِ أَخْلَصَتِ الْخَبَرَ عَنِ الْخَالِقِ، فَهِيَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ ثُلُثٌ‏‏.‏

وَقِيلَ‏:‏ تَعْدِلُ فِي الثَّوَابِ، وَهُوَ الَّذِي يَشْهَدُ لَهُ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ، وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي سُورَةِ الزَّلْزَلَةِ وَالنَّصْرِ وَالْكَافِرُونَ، لَكِنْ ضَعَّفَ ابْنُ عَقِيلٍ ذَلِكَ وَقَالَ‏‏:‏ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى فَلَهُ أَجْرُ ثُلُثِ الْقُرْآنِ، لِقَوْلِه‏:‏ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ‏.‏

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرّ‏:‏ السُّكُوتُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَفْضَلُ مِنَ الْكَلَامِ فِيهَا وَأَسْلَمُ، ثُمَّ أَسْنَدَ إِلَى إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ، قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ‏:‏ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ «‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ»‏.‏ مَا وَجْهُهُ‏؟‏ فَلَمْ يَقُمْ لِي فِيهَا عَلَى أَمْرٍ‏‏.‏

وَقَالَ لِي إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْه‏:‏ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ لَمَّا فَضَّلَ كَلَامَهُ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ، جَعَلَ لِبَعْضِهِ أَيْضًا فَضْلًا فِي الثَّوَابِ لِمَنْ قَرَأَهُ، تَحْرِيضًا عَلَى تَعْلِيمِهِ، لَا أَنْ مَنْ قَرَأَ ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كَانَ كَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ جَمِيعَهُ، هَذَا لَا يَسْتَقِيمُ وَلَوْ قَرَأَهَا مِائَتَيْ مَرَّةٍ‏‏.‏

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرّ‏:‏ فَهَذَانِ إِمَامَانِ بِالسُّنَّةِ مَا قَامَا وَلَا قَعَدَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ‏‏.‏

وَقَالَ ابْنُ الْمَيْلَقِ فِي حَدِيث‏:‏ «إِنَّ الزَّلْزَلَةَ نِصْفُ الْقُرْآنِ» لِأَنَّ أَحْكَامَ الْقُرْآنِ تَنْقَسِمُ إِلَى أَحْكَامِ الدُّنْيَا وَأَحْكَامِ الْآخِرَةِ، وَهَذِهِ السُّورَةُ تَشْتَمِلُ عَلَى أَحْكَامِ الْآخِرَةِ كُلِّهَا إِجْمَالًا، وَزَادَتْ عَلَى الْقَارِعَةِ بِإِخْرَاجِ الْأَثْقَالِ وَتَحْدِيثِ الْأَخْبَارِ‏‏.‏

وَأَمَّا تَسْمِيَتُهَا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ رُبُعًا، فَلِأَنَّ الْإِيمَانَ بِالْبَعْثِ رُبُعُ الْإِيمَانِ، فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ‏:‏ «لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْمِنَ بِأَرْبَعٍ‏‏:‏ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ بَعَثَنِي بِالْحَقِّ، وَيُؤْمِنُ بِالْمَوْتِ، وَيُؤْمِنُ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَيُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ» فَاقْتَضَى هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّ الْإِيمَانَ بِالْبَعْثِ الَّذِي قَرَّرَتْهُ هَذِهِ السُّورَةُ رُبُعُ الْإِيمَانِ الْكَامِلِ الَّذِي دَعَا إِلَيْهِ الْقُرْآنُ‏.‏

وَقَالَ أَيْضًا فِي سِرِّ كَوْنِ أَلْهَاكُمْ تَعْدِلُ أَلْفَ آيَةٍ‏‏:‏ إِنَّ الْقُرْآنَ سِتَّةُ آلَافِ آيَةٍ، وَمِائَتَا آيَةٍ وَكَسْرٌ، فَإِذَا تَرَكْنَا الْكَسْرَ كَانَ الْأَلْفُ سُدُسَ الْقُرْآنِ، وَهَذِهِ السُّورَةُ تَشْتَمِلُ عَلَى سُدُسِ مَقَاصِدِ الْقُرْآنِ، فَإِنَّهَا فِيمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ سِتَّةٌ‏‏:‏ ثَلَاثٌ مُهِمَّةٌ، وَثَلَاثٌ مُتِمَّةٌ،- وَتَقَدَّمَتْ- وَأَحَدُهَا مَعْرِفَةُ الْآخِرَةِ الْمُشْتَمِلُ عَلَيْهِ السُّورَةُ، وَالتَّعْبِيرُ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى بِأَلْفِ آيَةٍ أَفْخَمُ وَأَجَلُّ وَأَضْخَمُ مِنَ التَّعْبِيرِ بِالسُّدُسِ‏‏.‏

وَقَالَ أَيْضًا فِي سِرِّ كَوْنِ سُورَةِ الْكَافِرُونَ رُبُعًا، وَسُورَةُ الْإِخْلَاصِ ثُلُثًا، مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُسَمَّى الْإِخْلَاصَ‏‏:‏ أَنَّ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ اشْتَمَلَتْ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ عَلَى مَا لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَيْهِ الْكَافِرُونَ‏.‏

وَأَيْضًا فَالتَّوْحِيدُ إِثْبَاتُ إِلَهِيَّةِ الْمَعْبُودِ وَتَقْدِيسُهُ، وَنَفْيُ إِلَهِيَّةِ مَا سِوَاهُ، وَقَدْ صَرَّحَتِ الْإِخْلَاصُ بِالْإِثْبَاتِ وَالتَّقْدِيسِ، وَلَوَّحَتْ إِلَى نَفْيِ عِبَادَةِ غَيْرِهِ‏، وَالْكَافِرُونَ صَرَّحَتْ بِالنَّفْيِ وَلَوَّحَتْ بِالْإِثْبَاتِ وَالتَّقْدِيسِ، فَكَانَ بَيْنَ الرُّتْبَتَيْنِ مِنَ التَّصْرِيحَيْنِ وَالتَّلْوِيحَيْنِ مَا بَيْنَ الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ انْتَهَى‏.‏

تَذْنِيبٌ‏:‏ ذَكَرَ كَثِيرُونَ فِي أَثَر‏:‏ أَنَّ اللَّهَ جَمَعَ عُلُومَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ فِي الْكُتُبِ الْأَرْبَعَةِ وَعُلُومِهَا فِي الْقُرْآنِ، وَعُلُومِهِ فِي الْفَاتِحَةِ فَزَادُوا‏‏:‏ وَعُلُومَ الْفَاتِحَةِ فِي الْبَسْمَلَةِ، وَعُلُومَ الْبَسْمَلَةِ فِي بَائِهَا‏.‏

وَوُجِّهَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ كُلِّ الْعُلُومِ وُصُولُ الْعَبْدِ إِلَى الرَّبِّ، وَهَذِهِ الْبَاءُ بَاءُ الْإِلْصَاقِ، فَهِيَ تُلْصِقُ الْعَبْدَ بِجَنَابِ الرَّبِّ، وَذَلِكَ كَمَالُ الْمَقْصُودِ‏.‏ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الرَّازِيُّ وَابْنُ النَّقِيبِ فِي تَفْسِيرِهِمَا‏‏.‏

النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالسَّبْعُونَ‏:‏ فِي مُفْرَدَاتِ الْقُرْآنِ

أَخْرَجَ السِّلَفِيُّ فِي الْمُخْتَارِ مِنَ الطُّيُورِيَّاتِ عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ‏‏:‏ لَقِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَكْبًا فِي سَفَرٍ، فِيهِمُ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَأَمَرَ رَجُلًا يُنَادِيهِمْ مِنْ أَيْنَ الْقَوْمُ‏؟‏ قَالُوا‏‏:‏ أَقْبَلْنَا مِنَ الْفَجِّ الْعَمِيقِ، نُرِيدُ الْبَيْتَ الْعَتِيقَ فَقَالَ عُمَرُ‏‏:‏ إِنَّ فِيهِمْ لَعَالِمًا، وَأَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُنَادِيهِمْ‏‏:‏ أَيُّ الْقُرْآنِ أَعْظَمُ‏؟‏ فَأَجَابَهُ عَبْدُ اللَّه‏:‏ ‏{‏اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 255‏]‏‏.‏ قَالَ‏‏:‏ نَادِهِمْ أَيُّ الْقُرْآنِ أَحْكَمُ‏؟‏ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى‏}‏ ‏[‏النَّحْل‏:‏ 90‏]‏‏.‏

قَالَ‏‏:‏ نَادِهِمْ أَيُّ الْقُرْآنِ أَجْمَعُ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ ‏{‏فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ‏}‏ ‏[‏الزَّلْزَلَة‏:‏ 7، 8‏]‏‏.‏ فَقَالَ‏‏:‏ نَادِهِمْ أَيُّ الْقُرْآنِ أَحْزَنُ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ ‏{‏مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ‏}‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 113‏]‏‏.‏ فَقَالَ‏‏:‏ نَادِهِمْ أَيُّ الْقُرْآنِ أَرْجَى‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ ‏{‏قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الزُّمَر‏:‏ 53‏]‏‏.‏

فَقَالَ‏‏:‏ أَفِيكُمُ ابْنُ مَسْعُودٍ‏؟‏ قَالُوا‏‏:‏ نَعَمْ‏‏.‏ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي تَفْسِيرِهِ بِنَحْوِهِ‏‏.‏

وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ‏‏:‏ أَعْدَلُ آيَةٍ فِي الْقُرْآن‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ‏}‏ ‏[‏النَّحْل‏:‏ 90‏]‏‏.‏ وَأَحْكَمُ آيَةٍ‏:‏ ‏{‏فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ‏}‏ إِلَى آخِرِهَا‏.‏

وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ عَنْهُ قَالَ‏‏:‏ إِنَّ أَجْمَعَ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ لِلْخَيْرِ وَالشَّرّ‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ‏}‏ ‏[‏النَّحْل‏:‏ 90‏]‏‏.‏

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْهُ قَالَ‏‏:‏ مَا فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ أَعْظَمُ فَرَحًا مِنْ آيَةٍ فِي سُورَةِ الْغُرَفِ ‏{‏قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الزُّمَر‏:‏ 53‏]‏‏.‏ وَمَا فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ أَكْثَرُ تَفْوِيضًا مِنْ آيَةٍ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ الْقُصْرَى ‏{‏وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الطَّلَاق‏:‏ 3‏]‏‏.‏

وَأَخْرَجَ أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ يَعْمُرَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ‏‏:‏ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ‏:‏ «إِنَّ أَعْظَمَ آيَةٍ فِي الْقُرْآن‏:‏ ‏{‏اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 255‏]‏‏.‏ وَأَعْدَلُ آيَةٍ فِي الْقُرْآن‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ‏}‏ ‏[‏النَّحْل‏:‏ 90‏]‏‏.‏ إِلَى آخِرِهَا، وَأَخْوَفُ آيَةٍ فِي الْقُرْآن‏:‏ ‏{‏فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ‏}‏ ‏[‏الزَّلْزَلَة‏:‏ 7، 8‏]‏‏.‏ وَأَرْجَى آيَةٍ فِي الْقُرْآن‏:‏ ‏{‏قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ‏}‏ ‏[‏الزُّمَر‏:‏ 53‏]‏‏.‏ إِلَى آخِرِهَا»‏.‏

وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي أَرْجَى آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ عَلَى بِضْعَةَ عَشَرَ قَوْلًا‏‏:‏

أَحَدُهَا‏‏:‏ آيَةُ الزُّمَرِ‏‏.‏

وَالثَّانِي‏:‏ ‏{‏أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 260‏]‏‏.‏ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، قَالَا‏‏:‏ الْتَقَى ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏‏:‏ أَيُّ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَرْجَى‏؟‏ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ‏{‏قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الزُّمَر‏:‏ 53‏]‏‏.‏ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ لَكِنَّ قَوْلَ اللَّه‏:‏ ‏{‏وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي‏}‏ قَالَ‏:‏ فَرَضِيَ مِنْهُ بِقَوْلِه‏:‏ بَلَى قَالَ‏‏:‏ فَهَذَا لِمَا يَعْتَرِضُ فِي الصَّدْرِ مِمَّا يُوَسْوِسُ بِهِ الشَّيْطَانُ‏‏.‏

الثَّالِثُ‏‏:‏ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ‏‏:‏ إِنَّكُمْ يَا مَعْشَرَ أَهْلِ الْعِرَاقِ تَقُولُونَ‏:‏ أَرْجَى آيَةٍ فِي الْقُرْآن‏:‏ ‏{‏يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الزُّمَر‏:‏ 53‏]‏‏.‏ لَكِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ نَقُولُ‏‏:‏ إِنَّ أَرْجَى آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّه‏:‏ ‏{‏وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى‏}‏ ‏[‏الضُّحَى‏:‏ 5‏]‏‏.‏ وَهِيَ الشَّفَاعَةُ‏‏.‏

الرَّابِعُ‏‏:‏ مَا أَخْرَجَهُ الْوَاحِدِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ‏‏:‏ أَشَدُّ آيَةٍ عَلَى أَهْلِ النَّار‏:‏ ‏{‏فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا‏}‏ ‏[‏النَّبَأ‏:‏ 50‏]‏‏.‏

وَأَرْجَى آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ لِأَهْلِ التَّوْحِيدِ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ‏}‏ الْآيَةَ‏‏.‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 48‏]‏‏.‏

وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ- وَحَسَّنَهُ- عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ‏‏:‏ أَحَبُّ آيَةٍ إِلَيَّ فِي الْقُرْآنِ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ‏}‏ الْآيَةَ‏‏.‏

الْخَامِسُ‏‏:‏ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، عَنْ ابْنِ الْمُبَارَك‏:‏ أَنَّ أَرْجَى آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ قَوْلُهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ‏}‏ إِلَى قوله‏:‏ ‏{‏أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ‏}‏ ‏[‏النُّور‏:‏ 22‏]‏‏.‏

السَّادِسُ‏‏:‏ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ التَّوْبَةِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ‏‏:‏ مَا فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ أَرْجَى عِنْدِي لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ قوله‏:‏ ‏{‏وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا‏}‏ ‏[‏التَّوْبَة‏:‏ 102‏]‏‏.‏

السَّابِعُ وَالثَّامِنُ‏‏:‏ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ فِي قَوْلِه‏:‏ ‏{‏فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ‏}‏ ‏[‏الْأَحْقَاف‏:‏ 35‏]‏‏.‏ إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ عِنْدِي أَرْجَى آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ، إِلَّا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ‏‏:‏ أَرْجَى آيَةٍ فِي الْقُرْآن‏:‏ ‏{‏وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ‏}‏ ‏[‏الرَّعْد‏:‏ 6‏]‏‏.‏ وَكَذَا حَكَاهُ عَنْهُ مَكِّيٌّ وَلَمْ يَقُلْ عَلَى إِحْسَانِهِمْ‏‏.‏

التَّاسِعُ‏‏:‏ رَوَى الْهَرَوِيُّ فِي مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ‏‏:‏ سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ أَيُّ آيَةٍ أَرْجَى‏؟‏ قَالَ‏‏:‏ قوله‏:‏ ‏{‏يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ‏}‏ ‏[‏الْبَلَد‏:‏ 15، 16‏]‏‏.‏ قَالَ‏‏:‏ وَسَأَلَتْهُ عَنْ أَرْجَى حَدِيثٍ لِلْمُؤْمِنِ قَالَ‏:‏ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يُدْفَعُ إِلَى كُلِّ مُسْلِمٍ رَجُلٌ مِنَ الْكُفَّارِ فِدَاؤُهُ‏‏.‏

الْعَاشِرُ‏:‏ ‏{‏قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ‏}‏ ‏[‏الْإِسْرَاء‏:‏ 84‏]‏‏.‏

الْحَادِيَ عَشَرَ‏:‏ ‏{‏وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ‏}‏ ‏[‏سَبَأٍ‏:‏ 17‏]‏‏.‏

الثَّانِيَ عَشَرَ‏:‏ ‏{‏إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى‏}‏ ‏[‏طه‏:‏ 48‏]‏‏.‏ حَكَاهُ الْكِرْمَانِيُّ فِي الْعَجَائِبِ‏‏.‏

الثَّالِثَ عَشَرَ‏:‏ ‏{‏وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ‏}‏ ‏[‏الشُّورَى‏:‏ 30‏]‏‏.‏

حَكَى هَذِهِ الْأَقْوَالَ الْأَرْبَعَةَ النَّوَوِيُّ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ وَالْأَخِيرُ ثَابِتٌ عَنْ عَلِيٍّ، فَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ عَنْهُ قَالَ‏‏:‏ «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلِ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، حَدَّثَنَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏؟‏ ‏{‏وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ‏}‏ ‏[‏الشُّورَى‏:‏ 30‏]‏‏.‏ وَسَأُفَسِّرُهَا لَكَ يَا عَلِيُّ‏‏:‏ مَا أَصَابَكُمْ مِنْ مَرَضٍ أَوْ عُقُوبَةٍ أَوْ بَلَاءٍ فِي الدُّنْيَا فَبِمَا كَسَبْتَ أَيْدِيكُمْ، وَاللَّهُ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يُثَنِّيَ الْعُقُوبَةَ، وَمَا عَفَا اللَّهُ عَنْهُ فِي الدُّنْيَا، فَاللَّهُ أَحْكَمُ مِنْ أَنْ يَعُودَ بَعْدَ عَفْوِهِ‏‏.‏

الرَّابِعَ عَشَرَ‏:‏ ‏{‏قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ‏}‏ ‏[‏الْأَنْفَال‏:‏ 135‏]‏‏.‏ قَالَ الشِّبْلِيُّ‏‏:‏ إِذَا كَانَ اللَّهُ أَذِنَ لِلْكَافِرِ بِدُخُولِ الْبَابِ إِذَا أَتَى بِالتَّوْحِيدِ وَالشَّهَادَةِ، أَفَتَرَاهُ يُخْرِجُ الدَّاخِلَ فِيهَا وَالْمُقِيمَ عَلَيْهَا‏‏.‏

الْخَامِسَ عَشَرَ‏‏:‏ آيَةُ الدَّيْنِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ اللَّهَ أَرْشَدَ عِبَادَهُ إِلَى مَصَالِحِهِمُ الدُّنْيَوِيَّةِ، حَتَّى انْتَهَتِ الْعِنَايَةُ بِمَصَالِحِهِمْ إِلَى أَمْرِهِمْ بِكِتَابَةِ الدَّيْنِ الْكَثِيرِ وَالْحَقِيرِ فَمُقْتَضَى ذَلِكَ يُرْجَى عَفْوُهُ عَنْهُمْ لِظُهُورِ الْعِنَايَةِ الْعَظِيمَةِ بِهِمْ‏‏.‏

قُلْتُ‏‏:‏ وَيَلْحَقُ بِهَذَا مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَمَا فَضَّلَهُمُ اللَّهُ بِهِ فَقَالَ‏:‏ كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِذَا أَذْنَبَ أَحَدُهُمْ ذَنْبًا أَصْبَحَ وَقَدْ كُتِبَتْ كَفَّارَتُهُ عَلَى أُسْكُفَّةِ بَابِهِ، وَجُعِلَتْ كَفَّارَةُ ذُنُوبِكُمْ قَوْلًا تَقُولُونَهُ، تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَكُمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ أَعْطَانَا اللَّهُ آيَةً لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا‏}‏ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 135‏]‏‏‏.‏

وَمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ التَّوْبَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ ثَمَانِ آيَاتٍ نَزَلَتْ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ هِيَ خَيْرٌ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَغَرُبَتْ‏‏:‏ أَوَّلُهُنَّ ‏{‏يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ‏}‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 26‏]‏‏.‏ وَالثَّانِيَةُ ‏{‏وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ‏}‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 27‏]‏‏.‏ وَالثَّالِثَةُ‏‏:‏ ‏{‏يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 28‏]‏‏‏.‏ وَالرَّابِعَةُ ‏{‏إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 31‏]‏‏‏.‏ وَالْخَامِسَةُ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 40‏]‏‏‏.‏ وَالسَّادِسَةُ ‏{‏وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 110‏]‏‏‏.‏ وَالسَّابِعَةُ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 148‏]‏‏‏.‏ وَالثَّامِنَةُ ‏{‏وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 152‏]‏‏‏.‏

وَمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ‏:‏ سُئِلَ ابْنَ عَبَّاسٍ‏:‏ أَيُّ آيَةٍ أَرْجَى فِي كِتَابِ اللَّهِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ قوله‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا‏}‏ ‏[‏فُصِّلَتْ‏:‏ 30‏]‏‏.‏

وَمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ رَاهَوَيْهِ فِي مُسْنَدِه‏:‏ أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو الْعَقَدِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْجَلِيلِ بْنُ عَطِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، قَالَ رَجُلٌ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّاب‏:‏ إِنِّي لِأَعْرِفُ أَشَدَّ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، فَأَهْوَى عُمَرُ فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ، وَقَالَ‏:‏ مَا لَكَ نَقَّبْتَ عَنْهَا حَتَّى عَلِمْتَهَا‏!‏ وَمَا هِيَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏{‏مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ‏}‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 123‏]‏‏.‏ فَمَا مَنَّا أَحَدٌ يَعْمَلُ سُوءًا إِلَّا جُزِيَ بِهِ، فَقَالَ عُمَرُ‏‏:‏ لَبِثْنَا حِينَ نَزَلَتْ مَا يَنْفَعُنَا طَعَامٌ وَلَا شَرَابٌ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَرَخَّصَ‏:‏ ‏{‏وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا‏}‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 110‏]‏‏.‏

وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ‏:‏ سَأَلْتُ أَبَا بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيَّ عَنْ أَشَدِّ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى أَهْلِ النَّارِ، فَقَالَ‏:‏ ‏{‏فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا‏}‏ ‏[‏النَّبَأ‏:‏ 30‏]‏‏.‏

وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ‏:‏ مَا فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ أَشُدُّ عَلَيَّ مِنْ‏:‏ ‏{‏لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ‏}‏ ‏[‏الْمَائِدَة‏:‏ 68‏]‏‏.‏

وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ مَا فِي الْقُرْآنِ أَشَدُّ تَوْبِيخًا مِنْ هَذِهِ الْآيَة‏:‏ ‏{‏‏لَوْلَا يَنْهَاكُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الْمَائِدَة‏:‏ 63‏]‏‏‏.‏

وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي كِتَابِ الزُّهْدِ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ قَرَأَ قَوْلَ اللَّه‏:‏ ‏{‏لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ‏}‏ ‏[‏الْمَائِدَة‏:‏ 63‏]‏‏.‏ قَالَ‏:‏ وَاللَّهِ مَا فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ أَخْوَفُ عِنْدِي مِنْهَا‏‏.‏

وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ‏:‏ وَمَا أُنْزِلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَةٌ كَانَتْ أَشَدُّ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِه‏:‏ ‏{‏وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الْأَحْزَاب‏:‏ 37‏]‏‏‏.‏

وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ‏‏:‏ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ عِنْدَهُمْ أَخْوَفَ مِنْ هَذِهِ الْآيَةَ‏:‏ ‏{‏وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 8‏]‏‏.‏

وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ‏‏:‏ أَخْوَفُ آيَةٍ فِي الْقُرْآن‏:‏ ‏{‏وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ‏}‏ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 131‏]‏‏.‏ وَقَالَ غَيْرُهُ‏:‏ ‏{‏سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ‏}‏ ‏[‏الرَّحْمَن‏:‏ 31‏]‏‏.‏ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ‏‏:‏ لَوْ سَمِعْتُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ مِنْ خَفِيرِ الْحَارَةِ لَمْ أَنَمْ‏‏.‏

وَفِي النَّوَادِرِ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ قَالَ مَالِكٌ‏‏:‏ أَشَدُّ آيَةٍ عَلَى أَهْلِ الْأَهْوَاءِ قَوْلُهُ‏}‏ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 106‏]‏‏.‏ فَتَأَوَّلَهَا عَلَى أَهْلِ الْأَهْوَاءِ‏.‏ انْتَهَى‏.‏

‏وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ‏:‏ آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَا أَشَدَّهُمَا عَلَى مَنْ يُجَادِلُ فِيهِ ‏{‏مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا‏}‏ ‏[‏غَافِرٍ‏:‏ 4‏]‏‏.‏ ‏{‏وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 176‏]‏‏.‏

وَقَالَ السَّعِيدِيُّ‏‏:‏ سُورَةُ الْحَجِّ مِنْ أَعَاجِيبِ الْقُرْآنِ، فِيهَا مَكِّيٌّ وَمَدَنِيٌّ، وَحَضَرِيٌّ وَسَفَرِيٌّ، وَلَيْلِيٌّ وَنَهَارِيٌّ، وَحَرْبِيٌّ وَسِلْمِيٌّ، وَنَاسِخٌ وَمَنْسُوخٌ‏.‏

فَالْمَكِّيُّ مَنْ رَأَسِ الثَّلَاثِينَ إِلَى آخِرِهَا، وَالْمَدَنِيُّ مِنْ رَأَسِ خَمْسَ عَشْرَةَ إِلَى رَأْسِ الثَّلَاثِينَ، وَاللَّيْلِيُّ خَمْسُ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِهَا، وَالنَّهَارِيُّ مِنْ رَأْسِ تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى رَأْسِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، وَالْحَضَرِيُّ إِلَى رَأْسِ الْعِشْرِينِ‏‏.‏

قُلْتُ‏‏:‏ وَالسَّفَرِيُّ أَوَّلُهَا‏‏.‏ وَالنَّاسِخُ‏}‏ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الْحَجّ‏:‏ 39‏]‏‏‏.‏ وَالْمَنْسُوخُ ‏{‏اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الْحَجّ‏:‏ 69‏]‏‏.‏ نَسَخَتْهَا آيَةُ السَّيْفِ‏‏.‏ وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الْحَجّ‏:‏ 52‏]‏‏.‏ نَسَخَتْهَا‏:‏ ‏{‏سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى‏}‏ ‏[‏الْأَعْلَى‏:‏ 6‏]‏‏.‏ وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ‏‏:‏ ذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الْمَائِدَة‏:‏ 106‏]‏‏.‏ مِنْ أَشْكَلِ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ حُكْمًا وَمَعْنًى وَإِعْرَابًا‏‏.‏

وَقَالَ غَيْرُهُ‏‏:‏ قَوْلُهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الْأَعْرَاف‏:‏ 31‏]‏ جَمَعَتْ أُصُولَ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ كُلِّهَا‏‏:‏ الْأَمْرِ، وَالنَّهْيِ، وَالْإِبَاحَةِ، وَالْخَبَرِ‏‏.‏

وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ فِي الْعَجَائِبِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ‏}‏ ‏[‏يُوسُفَ‏:‏ 3‏]‏‏.‏ قِيلَ‏:‏ هُوَ قِصَّةُ يُوسُفَ وَسَمَّاهَا ‏{‏أَحْسَنَ الْقَصَصِ‏}‏ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى ذِكْرِ حَاسِدٍ وَمَحْسُودٍ، وَمَالِكٍ وَمَمْلُوكٍ، وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ، وَعَاشِقٍ وَمَعْشُوقٍ، وَحَبْسٍ وَإِطْلَاقٍ، وَسَجْنٍ وَخَلَاصٍ، وَخِصْبٍ وَجَدْبٍ، وَغَيْرِهَا مِمَّا يَعْجِزُ عَنْ بَيَانِهَا طَوْقُ الْخَلْقِ‏‏.‏

وَقَالَ‏:‏ ذَكَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ عَنْ رُؤْبَةَ‏‏:‏ مَا فِي الْقُرْآنِ أَعْرَبُ مِنْ قوله‏:‏ ‏{‏‏فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ‏}‏ ‏[‏الْحِجْر‏:‏ 94‏]‏‏.‏

وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ فِي كِتَابِ لَيْسَ‏:‏ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ لَفْظٌ جَمَعَ لُغَاتِ ‏(‏مَا النَّافِيَةِ‏)‏ إِلَّا حَرْفٌ وَاحِدٌ فِي الْقُرْآنِ، جَمْعَ اللُّغَاتِ الثَّلَاثَةَ، وَهُوَ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏مَا هُنَّ أُمَّهَاتُهُمْ‏}‏ ‏[‏الْمُجَادَلَة‏:‏ 2‏]‏‏.‏ قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِالنَّصْبِ، وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ بِالرَّفْعِ، وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ‏:‏ ‏(‏مَا هُنَّ بِأُمَّهَاتِهِمْ‏)‏ بِالْبَاءِ‏‏.‏ قَالَ‏:‏ وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ لَفْظٌ عَلَى ‏(‏افْعَوْعَلَ إِلَّا فِي قِرَاءَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏(‏أَلَا إِنَّهُمْ تَثْنَوْنِي صُدُورَهُمْ‏)‏‏‏.‏ ‏[‏هُودٍ‏:‏ 5‏]‏

‏وَقَالَ بَعْضُهُمْ‏‏:‏ أَطْوَلُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ الْبَقَرَةُ، وَأَقْصَرُهَا الْكَوْثَرُ، وَأَطْوَلُ آيَةٍ فِيهِ آيَةُ الدَّيْنِ، وَأَقْصَرُ آيَةٍ فِيهِ ‏{‏وَالضُّحَى‏}‏، ‏{‏وَالْفَجْرِ‏}‏ وَأَطْوَلُ كَلِمَةٍ فِيهِ رَسْمًا ‏{‏فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ‏}‏ ‏[‏الْحِجْر‏:‏ 22‏]‏‏.‏

وَفِي الْقُرْآنِ آيَتَانِ جَمَعَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا حُرُوفَ الْمُعْجَمِ‏}‏ ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 154‏]‏‏.‏ ‏{‏‏مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ‏}‏ الْآيَةَ‏‏.‏ ‏[‏الْفَتْح‏:‏ 29‏]‏‏.‏

وَلَيْسَ فِيهِ حَاءٌ بَعْدَ حَاءٍ بِلَا حَاجِزٍ إِلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ ‏{‏عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 235‏]‏‏.‏ ‏{‏لَا أَبْرَحُ حَتَّى‏}‏ ‏[‏الْكَهْف‏:‏ 60‏]‏‏.‏

وَلَا كَافَانِ كَذَلِكَ إِلَّا ‏{‏مَنَاسِكَكُمْ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 200‏]‏‏.‏ ‏{‏مَا سَلَكَكُمْ‏}‏ ‏[‏الْمُدَّثِّر‏:‏ 42‏]‏‏.‏

وَلَا غَيْنَانِ كَذَلِكَ إِلَّا ‏{‏وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ‏}‏ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 85‏]‏‏.‏

وَلَا آيَةٌ فِيهَا ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ كَافًا إِلَّا آيَةَ الدَّيْنِ، وَلَا آيَتَانِ فِيهِمَا ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ وَقْفًا إِلَّا آيَتَا الْمَوَارِيثِ، وَلَا سُورَةٌ ثَلَاثُ آيَاتٍ فِيهَا عَشْرُ وَاوَاتٍ إِلَّا وَالْعَصْرِ إِلَى آخِرِهَا‏.‏ وَلَا سُورَةٌ إِحْدَى وَخَمْسُونَ آيَةً فِيهَا اثْنَانِ وَخَمْسُونَ وَقْفًا إِلَّا سُورَةِ الرَّحْمَنِ‏.‏ ذَكَرَ أَكْثَرَ ذَلِكَ ابْنُ خَالَوَيْهِ‏‏.‏

وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْخَبَّازِيُّ الْمُقْرِئُ‏‏:‏ أَوَّلُ مَا وَرَدْتُ عَلَى السُّلْطَانِ مَحْمُودِ بْنِ مَلَكْشَاهْ سَأَلَنِي عَنْ آيَةٍ أَوَّلُهَا غَيْنٌ، فَقُلْتُ ثَلَاثَةٌ‏‏:‏ ‏{‏غَافِرِ الذَّنْبِ‏}‏ ‏[‏غَافِرٍ‏:‏ 3‏]‏‏.‏ وَآيَتَانِ بِخَلْف‏:‏ ‏{‏غُلِبَتِ الرُّومُ‏}‏ ‏[‏الرُّوم‏:‏ 2‏]‏‏.‏ ‏{‏غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ‏}‏ ‏[‏الْفَاتِحَة‏:‏ 7‏]‏‏.‏

وَنَقَلْتُ مِنْ خَطِّ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ حَجَرٍ فِي الْقُرْآنِ أَرْبَعَ شَدَّاتٍ مُتَوَالِيَةٍ‏:‏ فِي قوله‏:‏ ‏{‏نَسِيَا رَبُّ السَّمَوَاتِ‏}‏ ‏[‏مَرْيَمَ‏:‏ 64، 65‏]‏‏.‏ ‏{‏فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ‏}‏ ‏[‏النُّور‏:‏ 40‏]‏‏.‏ ‏{‏قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ‏}‏ ‏[‏يس‏:‏ 58‏]‏‏.‏ ‏{‏وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ‏}‏ ‏[‏الْمُلْك‏:‏ 5‏]‏‏.‏

النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالسَّبْعُونَ‏:‏ فِي خَوَاصِّ الْقُرْآنِ

أَفْرَدَهُ بِالتَّأْلِيفِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ‏:‏ التَّمِيمِيُّ، وَحُجَّةُ الْإِسْلَامِ الْغَزَالِيُّ، وَمِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ الْيَافِعِيُّ وَغَالِبُ مَا يُذْكَرُ فِي ذَلِكَ كَانَ مُسْتَنَدُهُ تَجَارِبَ الصَّالِحِينَ، وَهَا أَنَا أَبْدَأُ بِمَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ ثُمَّ أَلْتَقِطُ عُيُونًا مِمَّا ذَكَرَ السَّلَفُ وَالصَّالِحُونَ‏.‏

أَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ‏:‏ «عَلَيْكُمْ بِالشِّفَاءَيْن‏:‏ الْعَسَلِ وَالْقُرْآنِ»‏.‏

وَأَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ‏:‏ «خَيْرُ الدَّوَاءِ الْقُرْآن‏ُ»‏.‏

وَأَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُطَرِّفٍ قَالَ‏:‏ كَانَ يُقَالَ‏:‏ إِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ عِنْدَ الْمَرِيضِ وَجَدَ لِذَلِكَ خِفَّةً‏‏.‏

وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَع‏:‏ أَنَّ رَجُلًا شَكَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَ حَلْقِهِ، قَالَ‏:‏ «عَلَيْكَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ»‏.‏

‏وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ‏:‏ «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ إِنِّي أَشْتَكِي صَدْرِي قَالَ‏:‏ اقْرَأِ الْقُرْآنَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ‏}‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرٍ‏:‏ «فِي فَاتِحَةِ الْكِتَابِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ»‏.‏

وَأَخْرَجَ الْخُلَعِيُّ فِي فَوَائِدِهِ، مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّه‏:‏ «فَاتِحَةُ الْكِتَابِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا السَّامَ» وَالسَّامُ‏‏:‏ الْمَوْتُ‏‏.‏

وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا، مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ‏:‏ «فَاتِحَةُ الْكِتَابِ شِفَاءٌ مِنَ السُّمِّ‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِهِ أَيْضًا قَالَ‏:‏ «كُنَّا فِي مَسِيرٍ لَنَا فَنَزَلْنَا، فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ فَقَالَتْ‏:‏ إِنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ سَلِيمٌ، فَهَلْ مَعَكُمْ رَاقٍ‏؟‏ فَقَامَ مَعَهَا رَجُلٌ، فَرَقَاهُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَبَرِئَ، فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ‏:‏ وَمَا كَانَ يُدْرِيهِ أَنَّهَا رُقْيَةٌ‏‏.‏

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ‏:‏ عَوَّذَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ تَفْلًا‏‏.‏

وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ‏:‏ «إِذَا وَضَعْتَ جَنْبَكَ عَلَى الْفِرَاشِ، وَقَرَأْتَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ، وَ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ فَقَدْ أَمِنْتَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا الْمَوْتَ»‏.‏

وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ‏:‏ «إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ الْبَقَرَةُ لَا يَدْخُلُهُ الشَّيْطَانُ»‏.‏

وَأَخْرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زَوَائِدِ الْمُسْنَدِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ‏:‏ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ‏:‏ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّ لِي أَخًا وَبِهِ وَجَعٌ، قَالَ‏:‏ وَمَا وَجَعُهُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ بِهِ لَمَمٌ قَالَ‏:‏ فَأْتِنِي بِهِ، فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَعَوَّذَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَأَرْبَعِ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَهَاتَيْنِ الْآيَتَيْن‏:‏ ‏{‏وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 163‏]‏‏.‏ وَآيَةِ الْكُرْسِيِّ، وَثَلَاثِ آيَاتٍ مِنْ آخَرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَآيَةٍ مِنْ آلِ عِمْرَانَ‏:‏ ‏{‏شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ‏}‏ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 18‏]‏‏.‏ وَآيَةٍ مِنَ الْأَعْرَاف‏:‏ ‏{‏إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ‏}‏ ‏[‏الْأَعْرَاف‏:‏ 54‏]‏‏.‏ وَآخَرُ سُورَةِ الْمُؤْمِنُونَ‏:‏ ‏{‏فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ‏}‏ ‏[‏الْمُؤْمِنُونَ‏:‏ 116‏]‏‏.‏ وَآيَةٍ مِنْ سُورَةِ الْجِنِّ ‏{‏وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا‏}‏ ‏[‏الْجِنّ‏:‏ 3‏]‏‏.‏ وَعَشْرِ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ الصَّافَّاتِ، وَثَلَاثِ آيَاتٍ مِنْ آخَرَ سُورَةِ الْحَشْرِ، وَ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ، فَقَامَ الرَّجُلُ كَأَنَّهُ لَمْ يَشْكُ قَطُّ‏‏.‏

وَأَخْرَجَ الدَّارِمِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا‏‏:‏ مَنْ قَرَأَ أَرْبَعَ آيَاتٍ مَنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ، وَآيَتَيْنِ بَعْدَ آيَةِ الْكُرْسِيِّ، وَثَلَاثًا مِنْ آخَرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، لَمْ يَقْرَبْهُ وَلَا أَهْلَهُ يَوْمَئِذٍ شَيْطَانٌ وَلَا شَيْءٌ يَكْرَهُهُ، وَلَا يُقْرَأْنَ عَلَى مَجْنُونٍ إِلَّا أَفَاقَ‏.‏

وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ الصَّدَقَة‏:‏ أَنَّ الْجِنِّيَّ قَالَ لَهُ‏‏:‏ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلَا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏‏:‏ «أَمَا إِنَّهُ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ»‏.‏

وَأَخْرَجَ الْمَحَامِلِيُّ فِي فَوَائِدِهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ‏:‏ «قَالَ رَجُلٌ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي شَيْئًا يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ قَالَ‏:‏ اقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ، فَإِنَّهُ يَحْفَظُكَ وَذَرِّيَّتَكَ، وَيَحْفَظُ دَارَكَ حَتَّى الدُّوَيْرَاتِ حَوْلَ دَارِكَ»‏.‏

وَأَخْرَجَ الدَّيْنَوَرِيُّ فِي الْمُجَالَسَةِ، عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ «إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَقَالَ‏:‏ إِنْ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ يَكِيدُكَ، فَإِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرِسِيِّ‏‏.‏

وَفِي الْفِرْدَوْسِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ‏:‏ «مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَخَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ عِنْدَ الْكَرْبِ أَغَاثَهُ اللَّه‏ُ»‏.‏

وَأَخْرَجَ الدَّارِمِيُّ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ سُبَيْعٍ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ‏:‏ «مَنْ قَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنَ الْبَقَرَةِ عِنْدَ مَنَامِهِ، لَمْ يَنْسَ الْقُرْآنَ‏:‏ أَرْبَعٌ مِنْ أَوَّلِهَا، وَآيَةُ الْكُرْسِيِّ، وَآيَتَانِ بَعْدَهَا، وَثَلَاثٌ مِنْ آخِرِهَا»‏.‏

وَأَخْرَجَ الدَّيْلَمِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا‏:‏ آيَتَانِ هُمَا قُرْآنٌ، وَهُمَا يَشْفِيَانِ، وَهُمَا مِمَّا يُحِبُّهُمَا اللَّهُ، الْآيَتَانِ مِنْ آخَرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ»‏.‏

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ مُعَاذٍ‏:‏ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ‏‏:‏ أَلَا أُعَلِّمُكَ دُعَاءً تَدْعُو بِهِ لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِنَ الدَّيْنِ مِثْلَ صَبْرٍ أَدَّاهُ اللَّهُ عَنْكَ‏:‏ ‏{‏قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ‏}‏ إِلَى قَوْلِه‏:‏ ‏{‏بِغَيْرِ حِسَابٍ‏}‏ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 26- 27‏]‏‏.‏ رَحْمَنُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَرَحِيمُهَا، تُعْطِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُمَا، وَتَمْنَعُ مَنْ تَشَاءُ ارْحَمْنِي رَحْمَةً تُغْنِينِي بِهَا عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِوَاكَ»‏.‏

وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ «إِذَا اسْتَصْعَبَتْ دَابَّةُ أَحَدِكُمْ أَوْ كَانَ شُمُوسًا، فَلْيَقْرَأْ هَذِهِ الْآيَةَ فِي أُذُنَيْهَا‏:‏ ‏{‏أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ‏}‏ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 83‏]‏‏.‏ »‏.‏

وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ بِسَنَدٍ فِيهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ، عَنْ عَلِيٍّ مَوْقُوفًا‏‏:‏ سُورَةُ الْأَنْعَامِ مَا قُرِئَتْ عَلَى عَلِيلٍ إِلَّا شَفَاهُ اللَّهُ‏.‏

وَأَخْرَجَ ابْنُ السُّنِّيِّ عَنْ فَاطِمَةَ‏:‏ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَنَا وِلَادُهَا أَمَرَ أُمَّ سَلَمَةَ وَزَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ أَنْ يَأْتِيَا فَيَقْرَأُ عِنْدَهَا آيَةَ الْكُرْسِيِّ، وَ‏{‏إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الْأَعْرَاف‏:‏ 5‏]‏ وَيُعَوِّذَاهَا بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ‏‏.‏

وَأَخْرَجَ ابْنُ السُّنِّيِّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ‏:‏ «أَمَانٌ لِأُمَّتِي مِنَ الْغَرَقِ، إِذَا رَكِبُوا أَنْ يَقْرَءُوا‏:‏ ‏{‏بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ‏}‏ ‏[‏هُودٍ‏:‏ 41‏]‏‏.‏ ‏{‏وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ‏}‏ الْآيَةَ‏‏.‏

وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ لَيْثٍ قَالَ‏:‏ بَلَغَنِي أَنَّ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ شِفَاءٌ مِنَ السِّحْرِ، يُقْرَأْنَ عَلَى إِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ، ثُمَّ يُصَبُّ عَلَى رَأْسِ الْمَسْحُور‏:‏ الْآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ يُونُسَ‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ‏}‏ إِلَى قَوْلِه‏:‏ ‏{‏الْمُجْرِمُونَ‏}‏ ‏[‏يُونُسَ‏:‏ 81- 82‏]‏‏.‏ وَقَوْلُهُ‏}‏ فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ‏}‏ ‏[‏الْأَعْرَاف‏:‏ 18‏]‏‏.‏ إِلَى آخِرِ أَرْبَعِ آيَاتٍ‏.‏ وَقَوْلُهُ‏}‏ إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏طَهَ‏:‏ 69‏]‏‏‏.‏

وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ‏:‏ «مَا كَرَبَنِي أَمْرٌ إِلَّا تَمَثَّلَ لِي جِبْرِيلُ فَقَالَ‏:‏ يَا مُحَمَّدُ، قُلْ‏:‏ تَوَكَّلْتُ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ‏.‏ ‏{‏وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا‏}‏ ‏[‏الْإِسْرَاء‏:‏ 111‏]‏‏.‏

وَأَخْرَجَ الصَّابُونِيُّ فِي الْمِائَتَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا‏‏:‏ «هَذِهِ الْآيَةُ أَمَانٌ مِنَ السَّرَقِ ‏{‏قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ‏}‏ ‏[‏الْإِسْرَاء‏:‏ 110‏]‏ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ‏‏.‏

وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ‏:‏ «مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً فِي أَهْلٍ وَلَا مَالٍ وَلَا وَلَدٍ فَيَقُولُ‏:‏ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَيَرَى فِيهِ آفَةً دُونَ الْمَوْتِ‏‏.‏

أَخْرَجَ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، قَالَ‏:‏ «مَنْ قَرَأَ آخِرَ سُورَةِ الْكَهْفِ لِسَاعَةٍ يُرِيدُ أَنْ يَقُومَهَا مِنَ اللَّيْلِ قَامَهَا»‏.‏

قَالَ عَبْدَةُ‏‏:‏ فَجَرَّبْنَاهُ فَوَجَدْنَاهُ كَذَلِكَ‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ، مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ‏:‏ «دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا بِهَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوت‏:‏ ‏{‏لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ‏}‏ ‏[‏الْأَنْبِيَاء‏:‏ 87‏]‏‏.‏ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ»‏.‏

وَعِنْدَ ابْنِ السُّنِّيُّ‏‏:‏ «إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَا يَقُولُهَا مَكْرُوبٌ إِلَّا فُرِّجَ عَنْهُ، كَلِمَةُ أَخِي يُونُسَ ‏{‏فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ‏}‏ ‏[‏الْأَنْبِيَاء‏:‏ 87‏]‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ السُّنِّيِّ وَأَبُو عُبَيْدٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ‏:‏ «أَنَّهُ قَرَأَ فِي أُذُنِ مُبْتَلًى فَأَفَاقَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏‏:‏ مَا قَرَأْتَ فِي أُذُنِهِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏{‏أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا‏}‏ ‏[‏الْمُؤْمِنُونَ‏:‏ 115‏]‏‏.‏ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ، فَقَالَ‏:‏ لَوْ أَنَّ رَجُلًا مُوقِنًا قَرَأَهَا عَلَى جَبَلٍ لَزَالَ»‏.‏

وَأَخْرَجَ الدَّيْلَمِيُّ وَأَبُو الشَّيْخِ بْنُ حِبَّانَ فِي فَضَائِلِهِ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ‏:‏ «مَا مِنْ مَيِّتٍ يَمُوتُ فَيُقْرَأُ عِنْدَهُ يس إِلَّا هَوَّنَ اللَّهُ عَلَيْهِ»‏.‏

وَأَخْرَجَ الْمَحَامِلِيُّ فِي أَمَالَيْهِ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْر‏:‏ «مَنْ جَعَلَ يس أَمَامَ حَاجَةٍ قُضِيَتْ لَهُ»‏.‏ وَلَهُ شَاهِدٌ مُرْسَلٌ عِنْدَ الدَّارِمِيِّ‏.‏

وَفِي الْمُسْتَدْرِكِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ‏:‏ مَنْ وَجَدَ فِي قَلْبِهِ قَسْوَةً فَلْيَكْتُبْ يس فِي جَامِعٍ بِمَاءِ وَرْدٍ وَزَعْفَرَانٍ ثُمَّ يَشْرَبُهُ‏‏.‏

وَأَخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ‏:‏ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى رَجُلٍ مَجْنُونٍ سُورَةَ يس فَبَرَأَ‏.‏

وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ‏:‏ «مَنْ قَرَأَ يس إِذَا أَصْبَحَ لَمْ يَزَلْ فِي فَرَحٍ حَتَّى يُمْسِيَ، وَمَنْ قَرَأَهَا إِذَا أَمْسَى لَمْ يَزَلْ فِي فَرَحٍ حَتَّى يُصْبِحَ»‏.‏ أَخْبَرَنَا مَنْ جَرَّبَ ذَلِكَ‏‏.‏

وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ‏:‏ «مَنْ قَرَأَ الدُّخَانَ كُلَّهَا، وَأَوَّلَ غَافِرٍ إِلَى ‏{‏إِلَيْهِ الْمَصِيرُ‏}‏ ‏[‏غَافِرٍ‏:‏ 3‏]‏‏.‏ وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ حِينَ يُمْسِي، حُفِظَ بِهَا حَتَّى يُصْبِحَ، وَمَنْ قَرَأَهَا حِينَ يُصْبِحُ حُفِظَ بِهَا حَتَّى يُمْسِيَ» رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ بِلَفْظِ «لَمْ يَرَ شَيْئًا يَكْرَهُهُ»‏.‏

وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ وَالْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا‏:‏ «مَنْ قَرَأَ كُلَّ لَيْلَةٍ سُورَةَ الْوَاقِعَةِ لَمْ تُصِبْهُ فَاقَةٌ أَبَدًا»‏.‏

وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا‏:‏ فِي الْمَرْأَةِ يَعْسُرُ عَلَيْهَا وِلَادُهَا قَالَ‏:‏ يُكْتَبُ فِي قِرْطَاسٍ ثُمَّ تُسْقَى‏:‏ بِاسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ‏{‏كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ‏[‏النَّازِعَات‏:‏ 46‏]‏، ‏{‏كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ‏}‏ ‏[‏الْأَحْقَاف‏:‏ 35‏]‏‏.‏

وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ إِذَا وَجَدْتَ فِي نَفْسِكَ شَيْئًا‏‏- يَعْنِي الْوَسْوَسَةَ- فَقُلْ‏‏:‏ ‏{‏هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ‏}‏ ‏[‏الْحَدِيد‏:‏ 3‏]‏‏.‏

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ‏:‏ «لَدَغَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقْرَبٌ، فَدَعَا بِمَاءٍ وَمِلْحٍ، وَجَعَلَ يَمْسَحُ عَلَيْهَا‏.‏ وَيَقْرَأُ‏‏:‏ ‏{‏قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ‏}‏ وَ‏{‏قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ‏}‏ وَ‏{‏قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ‏}‏»‏.‏

وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ‏:‏ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَكْرَهُ الرُّقَى إِلَّا بِالْمُعَوِّذَاتِ»‏.‏

وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ‏‏:‏ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ مِنَ الْجَانِّ، وَعَيْنِ الْإِنْسَانِ، حَتَّى نَزَلَتِ الْمُعَوِّذَاتِ فَأَخَذَ بِهَا وَتَرَكَ مَا سِوَاهَا‏‏.‏

فَهَذَا مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ فِي الْخَوَاصِّ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي لَمْ تَصِلْ إِلَى حَدِّ الْوَضْعِ، وَمِنَ الْمَوْقُوفَاتِ عَلَى الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ‏‏.‏

وَأَمَّا مَا لَمْ يَرِدْ بِهِ أَثَرٌ فَقَدْ ذَكَرَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ كَثِيرًا جَدًّا، اللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّتِهِ‏‏.‏

وَمِنْ لَطِيفِ مَا حَكَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، عَنِ ابْنِ نَاصِرٍ، عَنْ شُيُوخِهِ، عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ شَاقُولَ الْبَغْدَادِيَّةَ، قَالَتْ‏:‏ آذَانَا جَارٌ لَنَا، فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، وَقَرَأْتُ مِنْ فَاتِحَةِ كُلِّ سُورَةٍ آيَةً حَتَّى خَتَمْتُ الْقُرْآنَ، وَقُلْتُ‏‏:‏ اللَّهُمَّ اكْفِنَا أَمْرَهُ‏، ثُمَّ نِمْتُ وَفَتَحْتُ عَيْنِي وَإِذَا بِهِ قَدْ نَزَلَ وَقْتَ السَّحَرِ فَزَلَّتْ قَدَمُهُ فَسَقَطَ وَمَاتَ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

قَالَ ابْنُ التِّين‏:‏ الرُّقَى بِالْمُعَوِّذَاتِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ الطِّبُّ الرُّوحَانِيُّ، إِذَا كَانَ عَلَى لِسَانِ الْأَبْرَارِ مِنَ الْخَلْقِ حَصَلَ الشِّفَاءُ بِإِذْنِ اللَّهِ، فَلَمَّا عَزَّ هَذَا النَّوْعُ فَزِعَ النَّاسُ إِلَى الطِّبِّ الْجُثْمَانِيِّ‏‏.‏

قُلْتُ‏‏:‏ وَيُشِيرُ إِلَى هَذَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ «لَوْ أَنَّ رَجُلًا مُوقِنًا قَرَأَ بِهَا عَلَى جَبَلٍ لَزَالَ»‏.‏

وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ‏:‏ تَجُوزُ الرُّقْيَةُ بِكَلَامِ اللَّهِ وَأَسْمَائِهِ، فَإِنْ كَانَ مَأْثُورًا اسْتُحِبَّ‏‏.‏

وَقَالَ الرَّبِيعُ‏:‏ سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ عَنِ الرُّقْيَةِ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ لَا بَأْسَ بِهَا أَنْ يُرْقَى بِكِتَابِ اللَّهِ وَمَا يُعْرَفُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ‏.‏

وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ‏:‏ مِنَ الْمُعَوِّذَاتِ سِرٌّ لَيْسَ فِي غَيْرِهَا مِنَ الْقُرْآنِ، لِمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ جَوَامِعِ الدُّعَاءِ الَّتِي تَعُمُّ أَكْثَرَ الْمَكْرُوهَاتِ، مِنَ السِّحْرِ وَالْحَسَدِ وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وَوَسْوَسَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ‏;‏ وَلِهَذَا كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْتَفِي بِهَا‏‏.‏

وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي حَدِيثِ الرُّقْيَةِ بِالْفَاتِحَة‏:‏ إِذَا ثَبَتَ أَنَّ لِبَعْضِ الْكَلَامِ خَوَاصَّ وَمَنَافِعَ، فَمَا الظَّنُّ بِكَلَامِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، ثُمَّ بِالْفَاتِحَةِ الَّتِي لَمْ يَنْزِلُ فِي الْقُرْآنِ وَلَا غَيْرِهِ مِنَ الْكُتُبِ مِثْلُهَا، لِتَضَمُّنِهَا جَمِيعَ مَا فِي الْكِتَابِ، فَقَدِ اشْتَمَلَتْ عَلَى ذِكْرِ أُصُولِ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَمَجَامِعَهَا، وَإِثْبَاتِ الْمَعَادِ، وَذِكْرِ التَّوْحِيدِ وَالِافْتِقَارِ إِلَى الرَّبِّ فِي طَلَبِ الْإِعَانَةِ بِهِ، وَالْهِدَايَةِ مِنْهُ، وَذِكْرِ أَفْضَلِ الدُّعَاءِ وَهُوَ طَلَبُ الْهِدَايَةِ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، الْمُتَضَمِّنِ كَمَالَ مَعْرِفَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ وَعِبَادَتِهِ، بِفِعْلِ مَا أَمَرَ بِهِ، وَاجْتِنَابِ مَا نَهَى عَنْهُ، وَالِاسْتِقَامَةِ عَلَيْهِ‏.‏ وَلِتَضَمُّنِهَا ذِكْرَ أَصْنَافِ الْخَلَائِقِ، وَقِسْمَتِهِمْ إِلَى مُنْعَمٍ عَلَيْهِ لِمَعْرِفَتِهِ بِالْحَقِّ وَالْعَمَلِ بِهِ، وَمَغْضُوبٍ عَلَيْهِ لِعُدُولِهِ عَنِ الْحَقِّ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ، وَضَالٍّ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ لَهُ، مَعَ مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ إِثْبَاتِ الْقَدَرِ، وَالشَّرْعِ، وَالْأَسْمَاءِ، وَالْمَعَادِ، وَالتَّوْبَةِ، وَتَزْكِيَةِ النَّفْسِ، وَإِصْلَاحِ الْقَلْبِ، وَالرَّدِّ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْبِدَعِ‏.‏

وَحَقِيقٌ بِسُورَةٍ هَذَا بَعْضُ شَأْنِهَا أَنْ يُسْتَشْفَى بِهَا مِنْ كُلِّ دَاءٍ‏.‏ انْتَهَى‏.‏

مَسْأَلَةٌ‏:‏

قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّب‏:‏ لَوْ كَتَبَ الْقُرْآنَ فِي إِنَاءٍ، ثُمَّ غَسَلَ وَسَقَاهُ الْمَرِيضَ، فَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُجَاهِدٌ وَأَبُو قِلَابَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ‏‏:‏ لَا بَأْسَ بِهِ، وَكَرِهَهُ النَّخَعِيُّ‏‏.‏

قَالَ‏:‏ وَمُقْتَضَى مَذْهَبِنَا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا‏‏:‏ لَوْ كُتِبَ قُرْآنًا عَلَى حَلْوَى وَطَعَامٍ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ انْتَهَى‏.‏

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ‏‏:‏ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِالْجَوَازِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِنَاءِ الْعِمَادُ النَّيْهِيُّ مَعَ تَصْرِيحِهِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ ابْتِلَاعُ وَرَقَةٍ فِيهَا آيَةٌ، لَكِنْ أَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِالْمَنْعِ مِنَ الشُّرْبِ أَيْضًا‏;‏ لِأَنَّهُ يُلَاقِيهِ نَجَاسَةَ الْبَاطِنِ‏.‏ وَفِيهِ نَظَرٌ‏‏.‏